مساحة حرة

تطوير المناهج وتكرار الفشل ؟!

image
بقلم أ/ فوزي محمد الاحمدي

في جميع دول العالم الثالث وبدون استثناء يلتحق في كل عام عشرات الالاف من خريجي الجامعات الى (نادي البطالة) ! وغالباً ما ينسب الفشل في تأمين فرص العمل الى هؤلاء الخريجين الى (مخرجات التعليم) , والتي بدورها تحيل ذلك الى مدخلات التعليم (المناهج) ! ولسان حالهم يقول (هذه بضاعتنا ردت الينا) .

وهكذا كل يلقي بالاتهام على الأخر , وتظل الشعوب حيارى هل تصدق هذا أم ذاك ؟!

منذ عقود والمناهج تتعرض للتغيير والتبديل , مع استيراد الافكار والنظريات , ومع الخضوع لإملاءات الشرق والغرب (حقل تجارب) ! ومع ذلك تجد مع الأيام يتسع الخرق على الراقع ! الحقيقة ان المشكلة ليست في مدخلات او مخرجات التعليم (المناهج) , المشكلة في التنمية المعطلة وبالتالي النهضة المستحيلة ! عندما لا تتوافر فرص العمل للطبيب والمهندس والطيار والبحار, والعشرات من براءات الاختراع والبحوث تظل حبيسة الأدراج , وبدون زراعة أو صناعة أو تجارة في الحالة هذه فتش عن خطط التنمية الفاشلة , والبنى التحتية المتهالكة , والتطاول في العمران والتوسع في الأسواق والمولات (بئر معطلة وقصر مشيد) .

في الحالة هذه لن تأتي النهضة حتى لو استوردت كل المناهج العالمية فسوف يبقى الحال كما هو عليه . تجد ان الهدف الظاهر من تطوير المناهج طبعاً (المضروبة) في دول العالم الثالث هو اللحاق في ركب الدول المتقدمة !

وكأن الله سبحانه وتعالى خلق البشر جميعا سواسية في الذكاء والعطاء ؟! يعتبر الشعب الأمريكي من اغبى الشعوب في العالم , وحسب استطلاعات الرأي هناك حيث بالكاد ان يعرف الكثير منهم معالم الجغرافيا أو أحداث التاريخ او فيما يتعلق في السياسة أو الدين والفن .

ومع ذلك تجد امريكا تحتل المقدمة في جميع المجالات على مستوى العالم أجمع ، وتجد مجرد بضعة الآف من العلماء هناك يقودون (الحلم الأمريكي) .

المشكلة هناك ليست في المناهج والتي يتم تسخيرها في بناء وصقل شخصية الطالب وبالتالي في خدمة سوق العمل والاخلاص في خدمة الوطن (الابداع) . بينما في العالم الثالث تسخر المناهج من أجل التلقين وليس لها أي شأن في اعداد وصقل شخصية الطالب (ناموا ولا تستيقظوا) .

غياب الفكر المؤسساتي (الرؤية) عن المشهد السياسي والتنموي (النهضة) يمثل لب المشكلة .

يتخرج في كل عام الالاف من الطلبة في العديد من التخصصات النادرة ومن أرقى الجامعات العالمية , وهذه الاعداد كافية لاحداث (نهضة شاملة) في أي دولة في العالم .

هل المشكلة هنا في المناهج سواء كان ذك في المدخلات أو المخرجات ؟!

أما ما تتذرع به هذه الدول من أن السبب في البطالة هو أن مخرجات التعليم لا تتناسب مع احتياجات السوق ؟! والحقيقة ان هذه من أكاذيب التاريخ وللأسف فقد صدقها الجميع !

لا اعرف اذا كان هناك في أي من دول العالم الثالث التي تستورد جميع احتياجاتها من الإبرة حتى الطائرة حيث لا زراعة ولا تجارة ولا صناعة ولا خدمات او مرافق عصرية حديثة !

من حقنا أن نتساءل أين هو سوق العمل أصلا ؟! حتى تعرف اذا كان هناك سوق عمل (تنيمة) أو (نهضة) في أي دولة , عليك أن تعرف أولا مدى مساهمة القطاع الخاص في الناتج الاجمالي لأي دولة !

في دول العالم الثالث لا يساهم القطاع الخاص الا بنسبة تتراوح ما بين بين 5 الى 10% من الناتج القومي (بئر معطلة) ! لندع المناهج من مدخلات ومخرجات وغيرها من المسميات ونركز الجهود علي كيفية احداث (النهضة) , والتي بدورها لا تمنح بل تنتزع (قرار سياسي) , لان الجميع وبدون استثناء لن يسمح لك بتحقيق ذلك , حتى على مستوى تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى