الوطن هو المكان الذي ولدنا ونشأناونعيش فيه ، في مدنه ، وضواحيه وقراه ، وترعرعنا بين أوديته ، وسفوح جباله ، وشربنا من زلال غيثه ، وأكلنا من خراج أرضه ، تظللنا بدوح أشجاره ، وشممنا روائح أزهاره تارة من رياحينه وتارة من وروده وتارة من خزامه فاجتمع في الجزيرة العربية الإسلام ، والتاريخ ، والعزة ، والشمم .وبعد تاريخ حافل منذ العصر الجاهلي ، وبعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وملاحمه الإسلامية والتي باتت نموذجا لأرقى حياة للمسلم حضارة وقيما وإيمانا قال تعالى ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ثم قيام قيام الخلفاء الراشدين على نمط مدرسة محمد صلى الله عليه وسلم ثم نمر على بني أمية ثم بني العباس ومابعدها من دويلات وانحطاط وقيام الدولة العثمانية حتى هيأ الله للجزيرة العربية من يجمع أطرافها ويوحد القلوب قبل الدروب على عقيدة واحدة ومجتمع واحد ووطن واحد لا مكان فيه للعنصرية ولا للمناطقية إلهنا واحد ومنهجنا القرآن الكريم وسنة نبيه الشريف صلى الله عليه وسلم لقد قام هذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية دولة عصرية حديثة على يد الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه ورحمه رحمة واسعة عم الأمن والأمان وانتشر الخير والإيمان ثم حمل الأمانة من بعده أبناؤه المخلصون وسطروا أروع المواقف والملاحم التاريخية والدولية والذين قضوا نحبهم وانتقلوا إلى رحمة الله وندعو لهم بالرحمة إزاء ماقدموه لوطنهم ولقد شرف الله هذه البلاد بالبيت الحرام والكعبة المشرفة والتي يستقبلها المسلمون في كل صلواتهم من كل أنحاء المعمورة ومقام إبراهيم وزمز الماء الطاهر ومنى وعرفات ومسجد نبيه صلى الله عليه وسلم وغيرها من المقدسات وببركة هذين البيتين الكريمين والمقدسات الشريفة أفاء الله على المملكة العربية السعودية بالثروات الغنية بالخير بثروة البشر وثروة النفط والمعادن والزراعة والصناعة حتى ننافس الدول العظمى في الإنتاج والتصدير وأضحت المملكة عضوا في كل المنظمات الدولية والحمدلله رب العالمين وحب الوطن بدأ بالحنين والشوق لأن الوطن يمثل كل شيئ في حياة الإنسان وأول من بكى واستبكى ووقف واستوقف ووصف واستوصف للأوطان والديار والأطلال هو امرؤالقيس ومن جاء من بعده من الشعراء الجاهليين وأسسوا ظاهرة الشوق والحنين للديار والأوطان حتى الكهف والخيمة حنوا إليها كما تحن الناقة إلى فصيلها وهاهي ميسون البدوية التي تزوجها الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه تحن شوقا إلى باديتها وخيمتها فقالت : لبيت تخفق الأرواح فيه أحب إلي من قصرمنيف ولبس عباءة وتقر عيني أحب إلي من لبس الشُّفوف خشونة عيشي في البدو أشهى. إلى نفسي من العيش الظريف. فما أبغي سوى وطني بديلا فحسبي ذاك من وطن شريف ونجد ابن الرومي يحن للوطن ويعلن حبه وشوقه لوطنه فقال : ولي وطن آليت ألا أبيعه وألا أرى غيري له الدهر مالكا. إذا ذكروا أوطانهم ذكرتهم. عهود الصبا فيها فحنوا لذلكا ومن أسباب ذكر الأوطان والحنين إليها السفر أو النفي أو الحروب والكوارث أو رحيل الأهل والأحباب يقول الشاعر الأموي عبدالله بن الدمينة سنة ١٣٠ للهجرة فقال :
ألا ياصبا نجد متى هجت من نجد
لقد زادني مسراك وجدا على وجد
سقى الله نجدا والمقيم بأرضها
سحاب غواد خاليات من الرعد
عندما نفي الشاعر الكبير أحمد شوقي إلى الأندلس ( (أسبانيا ) وبالرغم أنه في جنة من جنان الأرض إلا أنه حن إلى بلده مصر أرض الكنانة فقال فيها شعرا ومنه هذا البيت المعبر :
وطني لو شغلت بالخلد عنه نازعتني إليه في الخلد نفسي
وهذا هو الوطن في ذهنية الشعراء وكم عبروا وقالوا فيه فكان مثار حبهم ومغنى لقصائدهم والقائمة تطول ويكفينا من الذهب ما يتوج به العنق وهاهي دولتنا ترفرف أعلامها زاهية بكل الألوان وخاصة اللون الأخضر وعليه عبارة أثقل وأشرف من الأرض ومن عليها هي (لا إله إلا الله محمد رسول الله ) تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله وولي عهده الأمين سمو السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز آل سعود وولي ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله وبهذه المناسبة اليوم الوطني للملكة العربية السعودية منذ عام ١٣٥١ هجري حتى عام ١٤٣٦ للهجرة ( خمسة وثمانون عاما ) كلها بناء وتنمية وازدهار ورغد عيش وحياة كريمة يسرنا أن نهنئ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وولي عهده وكافة الأسرة الكريمة وندعو لهم بطول العمر والصحة والعافية والأمن والأمان لهذا الوطن الأشم قال الشاعر السعودي:
روحي وماملكت يداي فداه وطني الحبيب وهل أحب سواه
هذا بلد الإسلام ودار السلام العباد يرفعون أكف الضراعة بأن يحفظ هذه البلاد أدعية يرددها الأنام بين الكعبة والمقام .
