كتاب واصل

البعد التاريخي والسياسي للدولة السعودية الأولى

مقتطف من ورقة تم طرحها في الندوة الثقافية بمناسبة ذكرى تأسيس الدولة السعودية تحت عنوان "

الكاتب / جمعان الكرت

يوم التأسيس ملحمة تاريخية تحمل دلالات عميقة ومضامين راقية من الفخر والاعتزاز والشيم والشمم والصمود.

قصيدة حروفها من شعاع الشمس وقافيتها من رحيق الورد ووزنها من شميم الكادي. قصة عبقرية تروى للأجيال لتبقى كأهم درس تاريخي
في المدرسة العصرية ، يوم التأسيس روح تنبض بالوفاء وتتألق بالاعتزاز أنها ملحمة امتدت لأكثر من ثلاثة قرون
تاريخ مسطر بماء الذهب وحاضر مشع بالنماء والتطور ومستقبل مشرق بالازدهار،  أئمة وأمراء وقادة حافظوا على أركان الدولة السعودية رغم الحاقدين والحاسدين والطامعين فبقيت كعلامة مضيئة  نهضة تنموية شاملة لكل مناطق مملكتنا الفتية ومدنها العامرة  والمستقبل البعيد نراه بأعيننا ونستشعره باحاسيسنا مستقبل مشرق بإذن الله
وحين يحتفى المواطنون بهذه المناسبة السارة المبهجة جدا فإن الاجيال تدرك تماما الجهد والبذل والعطاء الذي تحقق فكان لهم هذا النماء والاستقرار والأمن والأمان ارتباط وثيق منذ عهد المؤسس الامام محمد بن سعود طيب الله ثراه حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظ الله  وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان أبقاه الله.
ويأتي هذا الاحتفاء اعتزازا بالجذور الراسخة لدولتنا المباركة والتي اضحت في انظار العالم بأسره علامة فارقة ورمزا مختلفا
الاحتفاء بيوم التأسيس له دلالات مهمة كتعميق المواطنة الصالحة، وتوثيق عرى الترابط بين جميع شرائح المجتمع السعودي، والاعتزاز بما حققه الوطن من تنام حضاري على كافة الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية والصحية.
 أولا: حمد الله وشكره على ما أفاء به لهذه البلاد من نعم كثيرة أهمها نعمة الأمن الذي يرفرف بجناحيه الأبيضين على كافة مناطق المملكة، وحين نطالع ما يدور حولنا من فتن وحروب ومنازعات يزداد الشكر لله عز وجل أن ساد الأمن وعم الرخاء. المواطن السعودي يود أن يعيش الربيع العربي بطريقته التي ترفض كل الوصايات الخارجية,والتدخل في شؤوننا الخاصة.
الربيع الذي نصنعه بأنفسنا لتكون المملكة العربية السعودية أنموذجا لدولة عصرية تحتفي بمنجزها وتسعد بنمائها وتفرح بترابط قيادتها برعيتها.
ثانياً: الخيرات التي منحها الخالق متمثلا في حقول النفط والغاز حيث تعد المملكة بحسب الاحصائيات أكثر الدول احتياطا وانتاجا وتصديرا ولهذين العاملين المهمين تحقق على ثرى الوطن منجزات حضارية تزيدنا فخراً واعتزازاً،

لليوم الوطني دلالات ومفاهيم يتفاوت استيعابها من شخص لآخر إلا أن الجميع يتفق في شيء واحد وهو حب الوطن والذود عن حياضه والسعي لأن يكون منارة عالية على مستوى جميع الأمم,
الوطن ليس فقط جغرافيا وتاريخ بل هو مشاعر متدفقه من شغاف القلوب حبا وولاء وانتماء, الوطن لا يمكن أن نقبض على مفاهيمه أو نؤطر دلالاته .. لأنه يتسع مثل الافق الرحب أو البحر الواسع .. البحر يشمل كل شيء .. ويملأ كيان الإنسان وعروقه وأحداق عينيه وغرف قلبه .
  واجب علينا أن نفاخر به, ونسعى لمزيد من التآلف والتآخي والنزاهة والتعاون مع الأجهزة الأمنية, من أجل مصلحة الوطن, والسعي لكشف كل ما يزعزع أمننا مع الحرص على مكتسباته ومقدراته .
الوطن يستحق منا الكثير، الحب الإخلاص التضحية الوفاء المثابرة
وعند الحديث عن يوم التأسيس لوطننا الغالي يأخذ  الحديث مسارات متعددة :
أولا : العمق التاريخي
بداية تأسيس الدرعية في منتصف القرن التاسع الهجري أي في عام 850 هجري في الوق الذي قدم الامير مانع بن ربيعه المريدي جد الأسرة السعودية مع قبيلته الى اليمامة استقبله ابن عمه ابن درع وأسكنه مع قبيلته والتي اطلق عليها فيما بعد بالدرعية
ويعد ذلك النواة الأولى لتأسيس كيان سياسي جديد ومستقل في نجد واستمر الحكم بين ابنائه واحفاده وصولا إلى الأمير محمد بن سعود بن محمد بن مقرن الذي تولى إمارة الدرعية في عام 1139 هجري وتعد البداية الفعلية لنشاة الدولة السعودية الأولى وأصبحت مركزا سياسيا وحضاريا وازدهرت اقتصاديا بنشاط أسواقها وعلميًا إذ أضحت محط أنظار طلاب العلم والعلماء وكذلك سياسيا وأمنيًا .
المدى الزمني بين مانع بن ربيعة والأمام محمد بن سعود قرابة 289
وبين الإمام محمد بن سعود والملك عبدالعزيز حوالي 180 عاما
وبين الملك عبدالعزيز والملك سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله 117 عام والدولة راسخة البنيان
أن هناك نسيج مترابط بين تلك الفترات الزمنية الإمام محمد بن سعود صنع دولة كنموذج متميز امتد عبر السنين منطلقا من رفع شعار الوحدة الوطنية لتظهر الدرعية كعاصمة لهذا الكيان وترسم ملامح دولة مترامية الأطراف في الجزيرة العربية ليتحقق الأمن والاستقرار إذن الإمام محمد بن سعود صنع للسعودية مسارها التاريخي لتبقى صامدة ثلاثة قرون من الانجاز والاستقرار اذا مولد الدولة السعودية كان نتاج حركة تاريخية يتطلبها المجتمع دون تدخل أحد أي بمعنى أكثر دقة تحقيق لاحتياج الناس في مرحلة ظرفية معينة صاحبها قيادة فذة ورؤية ثاقبة
والمسار التاريخي يعيد نفسه في صياغة دولة عندما جاء الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه إذ أن الأوضاع تتشابه مع سلفه السابق ليعيد البناء مشكلا هذا الكيان السعودي بتاريخه وجغرافيته
وكما قلت بأن النسيج مترابط ونتواصل إذا نشهد في هذا العهد الزاهر عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز طيب الله ثراه وسمو ولي عهده الأمين الأمير الشهم محمد بن سلمان والمتأمل الحصيف للمشهد السياسي للمملكة وتعاملها الناجح مع الملفات  الساخنة سواء كانت محلية أو إقليمية أو عالمية يدرك القدرة الفذة لقيادتنا في التعامل  بحكمة وحنكة وترو وحزم، وهذا ليس بمستغرب إذ إن القيادة اتسمت بالعمق السياسي من عهد الأئمة السابقين حتى عصرنا الراهن العهد الزاهر عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، فضلا عن المعطيات التي تمتلكها دولتنا في كونها قبلة المسلمين وبها الحرمان الشريفان وهذان الرصيدان المهمان يحتمان عليها مسؤولية عظيمة في أن  تكون قائدة ورائدة تسعى إلى التضامن والاحترام  المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة مع جميع دول العالم بما يحقق الوئام والسلام، فهي – أي المملكة – تعمل وفق سياسة  “الحكمة ” بعيدا عن الافتعال والصخب فارضة نفسها واحترامها . ولما يمر به العالم حاليا من متغيرات سياسية واقتصادية نلحظ أن السياسة السعودية تتعامل مع كل الملفات الساخنة بإيجابية دون أن تسمح لمفتعلي العبث الاقليمي باختراق دول المنطقة ، ، وفي الوقت نفسه مدت أذرعها السياسية لتوطيد العلاقة مع الدول العظمى أمريكا وروسيا  واليابان والصين برؤية ثاقبة وثقة متناهية وثقل سياسي وندية اقتصادية، هذا الدور الطليعي لسياسة المملكة جعلها محط أنظار العالم لقدرتها الفاعلة في مواكبة المتغيرات الدولية، وتحركاتها السياسية وتحالفاتها الدولية رغم التقاطعات السياسية وتشابكاتها المعقدة إلا أنها انتهجت طريقا حقق لها الريادة الدولية لتتسنم موقعا بارزاً، ليس لكونها  قائدة دول العالم الإسلامي فحسب، أو أنها ضمن الدول العشرين الاقتصادية أو لثقلها العربي وقوتها النفطية ومميزاتها الجيوستراتيجية بل للرؤية الحكيمة التي يتسم بها القادة السعوديون، وقد سطعت رؤية 2030 لتشكل انطلاقة سعودية قوية،. كل ذلك يعطي دلالة على أن الدبلوماسية السعودية تسير وفق خطط مدروسة ونهج واضح تتعامل مع الأحداث بذكاء وثقة مع الحرص على المصالح الداخلية وإبراز الصورة المشرقة ليراها العالم بأسره،  وهذا الإنجاز الذي يتحقق  في المحافل العالمية وهذه النجاحات السياسية والدبلوماسية التي يؤسسها سمو ولي العهد  الأمير محمد بن سلمان والدولة راسخة البنيان ثابتة الأركان
إذ أن التأسيس حدث قبل ثلاثة قرون حيث رسم ملامح الدولة السعودية وأرسى أركان البنيان الإمام محمد بن سعود يرحمه الله وذلك في عام 1139هجري، في وقت كانت شبه الجزيرة العربية تعاني من الفرقة والتشتت والعزلة بسبب خروج العاصمة الإسلامية من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى دمشق ثم بغداد وصولا إلى القاهرة فعاشت الجزيرة العربية التهميش وزاد على ذلك في الحقب الأخيرة النفوذ الاجنبي على البلدان العربية وكان لتلك الأسباب أثر كبير على سكان الجزيرة مما أدى إلى ظهور عشائر صغيرة متنافرة متناحرة تسعى طلبا للماء وبحثا عن الكلأ، إلا أن للتاريخ صناع بما وهبهم الله من رؤية ثاقبة وحكمة بالغة وحصافة في الرأي ليتمكن هؤلاء من إعادة الحياة الاجتماعية إلى ألقها ومجدها في منظومة بناء وازدهار وفي مقدمة هؤلاء الإمام محمد بن سعود الذي أسس دولته على ركائز راسخة وأسس ثابتة قوامها الدين الإسلامي والأخلاق والقيم العربية، وتحققت له وحدة البلادة واستقرارها وأمنها ليواصل أمراء الدولة السعودية في جميع عصورها ذات النهج باتخاذهم الإسلام دينا والشريعة دستوراً لتمتد في مساحة جغرافية واسعة، هذا الاتساع الجغرافي جاء عن قناعة تامة من سكان شبه الجزيرة بحكامهم من آل سعود الذين اتخذوا الدين الاسلامي جوهر حياة ، ليأتي من يزيد البنيان علوا والوطن رفعة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى