مساحة حرةمساحة حره

” صلاحياتي “

بقلم الكاتبة/ سميرة القرشي

سأستعير في مقالي هذا جملة من مقال شهير للكاتب السودانى الراحل «الطيب صالح» يتساءل فيه عن سبب مجىء ” الأخوان” فأنا لست أقدر من الأديب في طرحه وقلمه القوي .

ولكنني سأستعير تعجبه لكي أسأل ” من أين جاء هؤلاء ! واقصد هنا بعض “مدراء المدارس “ فمديرو المدارس منحوا صلاحيات وذلك تقديراً لأدوارهم الهامة فالصلاحيات إذن وضعت لحفظ النظام والحقوق وليست للتعسف في تطبيق النظام.

لا شك أن من حق كل مدير مدرسة أن يُطبق لوائح الأنظمة في الدليل الإجرائي ؛ وقيس على ذلك صلاحياته ؛ ولكن بدون تعسف وإستبداد .

أن نظرية التعسف في إستعمال الحق نبذته الشريعة من خلال القاعدة الشرعية (لا ضرر ولا ضرار) وقيدت الحقوق الخاصة للإنسان عند إستعماله لها حتى لا يضار الغير،ويُعد التعسف في إستعمال الحق خروجاً عن حدود الحق نفسه، وإستعمال صاحب الحق لسلطاته وصلاحياته بحيث يلحق ضرراً بمن يرئسهم .

وأقصد بالحق هنا هو إستخدام المدير “لصلاحياته ” فيفترض أن الحق أمر مشروع ؛ ولكن عندما يستعمله المدير وينحو بذلك منحىٰ غير إنساني ويتجاوز كل الحدود من فرط هذا الحق ,بإستخدام صلاحياته التي ضمنتها له الوزارة ويتباهي بها في كل إجتماع مع معلميه بجملة ” من صلاحياتي ” كيت وكيت .

لم تمنح الوازة الصلاحيات إعتباطاً ؛ ولم تعطي المدير صلاحيات لكي يتشدق بها في كل شاردة وواردة ، بل أن على المدير أن يكون لديه قدرة على التغيير في الأفراد قبل المؤسسة التعليمة ، وإحتواء من يعمل معهم وعدم التشدد والتسلط .

الإدارة لاتنفصل عن القيادة ، فالمدير القوي هو قائد قوي أما إذا كان القائد ضعيفاً ومديراً مستبداً فالنهج يتجه نحو البيوقراطية المنبوذة والديكتاتورية .

المدير يجب أن يملك ذكاءً عاطفياً يمنحه لمن حوله ، ويكون عنده القدرة الفائقة في التعامل و التحكم بمشاعره هو قبل الآخرين .

لأن عدم قدرته على ملاحظة مشاعره الحقيقية وإدارة عواطفه والسيطرة على انفعالاته ، والتعاطف مع مرؤسيه وتفهم مشاعرهم سيجعل منه مدير متخبط ومتذبذب ومتسلط ومستبد في معظم قراراته .

يتحتم على مدير المدرسة أن يكون ماهراً في التعامل مع ردود أفعال مرؤسيه العاطفية ، فهم غالبا تحت ضغط عمل ومناهج وأنشطه وفعاليات إلخ إلخ .

فالمدير الناجح لاينفك عن المهارة الإدارية وضبط المدرسة والكفاءة في إدارة العلاقات وتشيدها والقدرة على إيجاد أرضية مشتركة وبناء جسور للتفاهم مع من يعمل معهم .

إن في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم كنز عظيم لمن أراد ان يتعلم القيادة بالطريقة المثلى فالمصطفى عليه افضل الصلاة وأتم التسليم أعظم قائد فهو الرحمه كما أرسله الله عزّ وجلّ : ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ فمن المعيب أن تصبح إدارة المدرسة منبراً لتوجيه النشرات والتهديدات ، ومكاناً لإستدعاء المعلم ورفع الصوت عليه والتقليل من شأنه ، منتهكين حقوقه التي يجهلها بعض المعلمين بحجة “الصلاحيات” ، فيفقد حينها المعلم مكانته ولا يحس بآمانه الوظيفي الذي كفلته له الوزارة ونظام العمل في المملكة ، ممايؤثر سلباً على الطلبه وينعكس على نفسياتهم، ذلك الجيل الذي تسعى حكومتنا الرشيدة سعياً حثيثاً لبناء جيل متعلم يملك الثقه بالنفس يقود بلاده وينهض بها .

وأخيراً ‏عزيزي المعلم :

عندما يصبح مرورك من أمام إدارة المدرسة أمراً ثقيلًاً عليك ودخولك لها بالشئ العسير ، وحضورك للمدرسة بشق الأنفس ، عندما تحدثك نفسك كل ليلة بالتغيب عن عملك ، عندما يصبح هاجسك الوحيد العودة إلى البيت، ويبقى أجملُ ما يُمكن أنّ تفعله في يومك على الإطلاق .

“كن على يقين حينها أنك وقعت ضحية مدير متعسف .
ًحينها فقط نتسأل ” كيف أتىٰ هؤلاء !؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى