مساحة حرة

“انتظر الراتب”

كتبه : نايف الثقفي

أحد الموظفين يحكي كيف احترق عقله وتبلدت مشاعره جراء ناراً أوقدها مديره في العمل .

ويبدأ حديثه مشيراً إلى تلك الصراعات الدامية والمجاملات المسمومة والمحسوبيات الممقوتة وكيف كبحت جماحه واصابت إيجابيته في مقتل .

ثم يصف بأن الظلم بات يتجول متغطرساً بين ممرات المنظومة يرفع السفيه ويحط من شأن الحليم  يبجل المتخاذل ويحقر من جهد المثابر ينعق بأصوات المطبلين ويخرس أفواه الصادقين يتجاهل فشل الجاهل ويطعن بأزر المتعلم .

يصمت هذا الموظف قليلا ثم يتنهد بأسف ، لقد ضاعت ثقتي بنفسي وتشوه معنى التكامل في نظري حتى ضاقت مساحات التميز واحترقت في عقلي .

ثم يصرخ حيراناً ويتسائل :
لماذا مديري عقله مغلق وإن كان بابه مفتوح .
لماذا يسرق مجهودي ويجير أفكاري باسمه.
لماذا يحكم ويقطع دون أن يدقق ويعرف .
لماذا يجر المبتدأ ويرفع المجرور .
لماذا يكون الكيل بمكيالين.

ثم يصمت مره اخرى وينظر إلي بعينين تحبس الدمعه ويتحدث بصوت تخنقه العبره ويقول  لطالما قدمت جهداً ووقتاً كبيرا في أداء عملي ، وتجاوزت في ساعاته حتى وصلت لأبعد نقطه في المطلوب . وفي ظل العجز العددي أقوم بالعمل عن ثلاثة موظفين بكل سرور .

ولكن للاسف لم يتذكرني احداً بتكريم وهو واجب ولم ألاقي تقديرا منهم وهو حتمي بالتأكيد .

أنا نفس بشرية لديها مشاعر واشعر بالسرور عند الاشارة لإنجازي والبهجة عند التصفيق نظير تميزي .

للاسف لقد فقدنا كل هذا .
فالنمط الاداري جامد .
والانصاف معدوم .
والحوافز محصوره.
وكل الامور من قبل بدايتها محسومه .
فلماذا نجعل من أنفسنا قشاً يحرقونه .
ثم انهى كلامه بهذه الجمله وغادر .
سأحضر للعمل مبكرا وابقى مشلولاً على مكتبي. وانتظر الراتب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى