الإقتصادية

ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا.. الأسباب والتداعيات الاقتصادية

وكالات – واصل :

ارتفعت أسعار الغاز في دول الاتحاد الأوروبي بشكل كبير مؤخرا، وباتت أعلى بعشر مرات مقارنة بالعام الماضي، فما هي أسباب هذه الزيادة، والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية المترتبة عليها؟

ومع الزيادة الكبيرة في أسعار الغاز، دفع ارتفاع قيمة فواتير المستهلكين بعض الأسر إلى تقليل استهلاك هذه المادة، وذلك رغم البرودة الشديدة.

وتعد فاليري، وهي فرنسية متقاعدة مقيمة بمدينة غرونوبل، واحدة ممن اضطر إلى اتباع إجراءات تقلل من استهلاك الغاز، حيث قالت لموقع “سكاي نيوز عربية”: “اضطررت لخفض منظم الحرارة بعد أن زادت فاتورة الغاز بأكثر من 50 في المئة. أصبحت أنا وزوجي نرتدي معاطفا داخل البيت حتى نستطيع الحصول على الدفء”.

لماذا هذا الارتفاع؟

يستورد الاتحاد الأوروبي 60 في المئة من احتياجاته من الطاقة، وبالتالي فهو يخضع لتغيرات الأسعار التي لا يستطيع السيطرة عليها.

ووفقا لتوماس مارزيك مانسر، محلل شؤون الغاز الأوروبي في وكالة التسعير العالمية ICIS، يأتي الغاز الطبيعي المستهلك في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة من مصادر متنوعة، وتظهر بيانات أنه في عام 2021، تم إنتاج حوالي 16 في المئة بشكل محلي.

وأضاف مانسر في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”: “توفر خطوط الأنابيب القادمة من روسيا نسبة 30 في المئة من الغاز، بينما يصل الإمداد النرويجي إلى 24 في المئة، وتغطي الشركة العالمية للغاز الطبيعي المسال حوالي 19 في المئة”.

وأضاف: “الإمداد بالغاز الجزائري يقدم حوالي 8 في المئة، والـ3 في المئة المتبقية عبارة عن مزيج من إمدادات خطوط الأنابيب الأذربيجانية والليبية”.

وبلغة الأرقام، أوضح مانسر أن أسعار الغاز الطبيعي ارتفعت بالجملة في أوروبا بشكل كبير في العام الماضي، مضيفا: “يقوم ICIS بتسعير أسواق الغاز الأوروبية لأكثر من 25 عاما ولم يكن هناك ارتفاع في الأسعار طيلة هذه المدة يضاهي الارتفاع الحالي. فقد حقق المعيار العالمي للشهر الماضي للغاز الطبيعي، أعلى مستوى له على الإطلاق في 21 ديسمبر 2021 عندما تم تقييمه عند 180.31 يورو/ ميغاواط ساعة. وفي 7 يناير 2022، انخفض إلى 87.24 يورو/ ميغاواط ساعة. ومع ذلك، قبل ارتفاع أسعار الغاز الذي بدأ في صيف عام 2021، كان نطاق التداول النموذجي لصندوق ICIS TTF بين 10 و30 يورو/ ميغاواط ساعة”.

واعتبر الخبير في تحليل أسواق الغاز أن السبب الرئيسي لارتفاع الأسعار هو انخفاض الإمدادات، وبالتالي عدم القدرة على إعادة ملء المخازن قبل فصل الشتاء.

وبيّن مانسر: “عادة تعبأ شركات الغاز وحدات التخزين خلال فصلي الربيع والصيف بإمدادات احتياطية، ثم تستخدم هذا الغاز بالإضافة إلى الإنتاج والواردات لتلبية الطلب المتزايد خلال فصلي الخريف والشتاء. لم تتعافى إمدادات الأنابيب الروسية إلى شمال غرب أوروبا العام الماضي من معدلات ما قبل انتشار الفيروس، فقد كان الطلب على الغاز الطبيعي المسال في آسيا مرتفعا لدرجة أنه كان يتفوق على أوروبا في أسعار الشحنات الاحتياطية”.

ومن بين العوامل التي ساهمت في عدم قدرة روسيا على زيادة الإمدادات إلى شمال غرب أوروبا، بحسب مانسر “ارتفاع الطلب محليا على الغاز داخل روسيا، وبعض مشكلات الإنتاج وارتفاع الطلب على الغاز الروسي من تركيا، هذا إلى جانب القرار الاستراتيجي للحد من الصادرات إلى شمال غرب أوروبا الذي يزامن مع انتظار شركة (غاز بروم) الروسية الموافقة على استخدام خط أنابيبها الجديد (نورد ستريم 2)”.

ويؤدي انخفاض الإمدادات الروسية، وعدم القدرة على جذب المزيد من الغاز الطبيعي المسال وانخفاض مستويات التخزين، إلى تنامي خطر تأمين الإمدادات في الأشهر المقبلة عندما يكون الطلب الأوروبي على الغاز في أعلى مستوياته عادة بسبب ذروة الشتاء.

وفي المقابل، يرى مانسر أن بعض هذه المخاطر تتراجع الآن، ويرجع ذلك إلى حد كبير للأسعار القياسية التي سجلت نهاية الشهر الماضي، موضحا: “كانت أسعار ديسمبر المرتفعة أعلى من تلك الموجودة في آسيا، مما يعني أن مشتري الغاز الأوروبيين كانوا قادرين على تأمين احتياطي للغاز الطبيعي المسال.

من الممكن أن تستورد أوروبا الغربية في يناير أكبر كمية من الغاز الطبيعي المسال في شهر واحد على الإطلاق، حيث نرى أسطولا من الشحنات الإضافية يتجه إلى القارة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى