كتاب واصل

(الخادمات وجشع بعض مكاتب الاستقدام)

بقلم: عبد الفتاح بن أحمد الريس

ليس بخافٍ على الجميع مدى حاجة مجتمعنا السعودي للخادمات المنزلية لما يشهد من تطور وتقدم حضاري مزدهر ومتغيرات متناغمة في نمطية الحياة المعاصر غير أن الحصول عليهن وبمواصفات مُعينة بات في غاية الصعوبة لاختلاف أمكنة استقدامهن ومستوى تعلمهن وجودة أدائهن وكثرة مشاكلهن وجرائمهن لاسيما تجاه الأطفال ناهيكم عن الهروب الذي أضحى يُشكل منعطفاً خطيراً ومقلقاً لكفلائهن وللجهات المختصة أيضاً وقتما يتم البحث عنهن ومتابعتهن وإيوائهن وترحيلهن لبلادهن وما يتطلبه من مدفوعات مالية باهظة بحسب ما اطلعنا عليه في هذا الصدد ولأن هذه القضية باتت حديث الساعة وتهم المواطن والمسئول على حد سواء فأننا سنسبر غورها من كافة جوانبها أملاً في الوصول لحلول ناجعة وذلك من خلال النقاط التالية:

1- بعض الخادمات يصلن للمملكة وهن مصابات باضطرابات شخصية أو اكتئاب ولم يخضعن لأي علاج نفسي أو سلوكي أو تأهيلي بقدر كافٍ سوى الكشف الطبي الروتيني عليهن للتأكد من خلوهن من الأمراض المستعصية أو المعدية أو الحمل فإذا كن سليمات من هذه النواحي تم استقدامهن.


2- موافقة بعض الخادمات على الاستقدام للمملكة لتصورهن بأنهن سيجدن الراحة التامة ويُمارسن حرياتهن الشخصية دونما قيود صارمة ونيلهن لمكاسب مالية عالية وهدايا ثمينة بحسب ما نمى إليهن من قبل مكاتب استقدام تسعى لترويجهن لكسب أموال طائلة أو من خلال صديقات يعملن لدى أسر تعيش حياة الرفاهية حتى إذا ما باشرن عملهن الذي قدمنا من أجله ربما يجدن خلافاً لذلك.


3- إصرار بعض الخادمات على العودة لبلادهن قبل انتهاء مدة العقد بحجة ظروف طارئة أو مفتعلة وعندما لا يوافق كفلائهن على طلبهن لحاجتهم الماسة لهن عوضاً عن المبالغ المالية الكبيرة التي دفعوها لمكاتب الاستقدام واستخراج الفيزا والإقامة نظير هذه الخدمة فإن هذا ما يدفع بمعظمهن لانتهاج سلوكيات مخالفة أو تخريبية أو هروب من المنزل.


4- تأثر بعض الخادمات بكلام عاملات لدى أسر تتمتع بأجواء وميزات خاصة وقتما يلتقين بهن أثناء الزيارات المتبادلة بين هذه الأسر أو عبر الجوالات التي بحوزتهن فعندما لا يتحقق ما يطمحن إليه أسوة بتلكمُ العاملات يلجأن لممارسة سلوكيات منفرة أو شريرة أو تقصير في العمل لدفع كفلائهن بالتخلي عنهن لتحقيق هذا الهدف إما بمساعدة أفراد من داخل هذه الأسر أو عن طريق سواقين خاصين أو سماسرة وعصابات يعملون في هذا الاتجاه لغرض الحصول على مكاسب مالية.

5- تكليف الخادمات بأعمال تفوق طاقتهن أو تتجاوز ما تم الاتفاق عليه في العقد أو القيام بتعنيفهن لعدم فهمهن لما يُطلب منهن من أعمال مُعينة أو لاختلاف اللغة والعادات والتقاليد وعدم التكيف أو حرمانهن من الراحة الكافية وعدم اعطائهن أجورهن لعدة أشهر دونما عذر شرعي مقبول.

6- الكثير من الخادمات يقمن بما أوكل إليهن من أعمال منزلية خير قيام خلال فترة التجربة والمحددة بثلاثة شهور في حالة الاستقدام وبأسبوع إلى أسبوعين في حالة نقل الكفالة غير أنهن بُعيد ذلك سرعان ما يتحولن إلى النقيض أو الإخفاق في العمل كما يلحظه كل من يقوم بتشغيلهن مما ينبئ عن تنبيه أو تهديد أو لربما اتفاق معهن من قبل بعض مكاتب الاستقدام لقطع الطريق أمام المستفيدين بعدم مطالبتهم بالتعويض بخادمات أخريات أو الاسترجاع لحقوقهم المالية لا سيما في حالة نقل الكفالة والتي غالباً ما تتم من جراء حدوث مشاكل بين طرفي هذه الخدمة وتعمد المكاتب في إخفائها لأجل تسويق ما لديها من خادمات للحصول على مغانم كثيرة وإن شئتم فقولوا تدوير إن لم يصلحن عند شخص يصلحن عند آخر معتبرين ذلك شطارة بعد أن غاب عن ذهنهم ما للغش والخداع والظلم وأكلهم السحت من عواقب وخيمة في الدنيا قبل الآخرة في الوقت الذي ربما يساهم تنقل الخادمات بين الأسر المشغلة لهن كما تفعله شركات التأجير في انتقال أمراض معدية من خلالهن لا سيما اللاتي يقمن برعاية وتنظيف المرضى لديها.


فالقضية إذاً وتأسيساً على ما سبق ما أحوجها لوقفة متأنية ودراسة جادة وقرارات صارمة من قبل جهة الاختصاص لكي تكفل لجميع الأطراف كامل حقوقهم الشرعية لا سيما فيما يتعلق بانتهاج بعض الخادمات لسلوكيات غير مبررة في مُعظمها عوضاً عن الجشع والاستغلال والاحتكار الذي تُمارسه أكثر مكاتب الاستقدام وخاصة في شهر رمضان المبارك تجدر الإشارة إلى أن إحدى ربات البيوت ممن غلبت عليهن الانانية وحب الذات قامت بإقناع خادمة نشيطة تعمل لدى جارتها في أحد المناطق لكي تنتقل للعمل لديها براتب شهري مُغري فما كان من هذه الخادمة إلا أن طلبت من كفيلها السفر لبلادها على وجه السرعة بحجة أن والدتها في العناية المركزة وهو ما تم فعلاً لتعود هذه الخادمة للعمل في ذلك البيت وللأسف الشديد أما الذين لا يستطيعون دفع تكاليف رسوم الاستقدام لظروفهم المالية فليس لهم بداً من الاقتراض من أحد البنوك وتسديدها على مدار خمسة سنوات أو من خلال جمعيات خاصة بينما يتعذر على المتقاعدين ممن شارفوا السبعين من أعمارهم النيل من هذه الخدمة لتوقع وفاتهم [!!] هذا ما أردنا إيضاحه من باب المصلحة العامة والله ولي التوفيق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى