كتاب واصل

( ثريد)

كتبه : سعد عبدالله الكودري

مؤخرا قرأت عن الثريد وهو اذا كتب احدهم مقالا او اراد ان يشرح قصة قال: إليكم الثريد التالي ، وانا في هذه المقطوعة النثرية سأقدم ثريدا عن بعض المتغيرات التي تداعب مجتمعنا ومجالسنا في الواقت الراهن ونتألم لها ونحزن منها و من تقلباتها وتكاد تؤثر عن المكون الاجتماعي بشكل جماعي.

حقيقة ان المتمعن في الشارع الاجتماعي ويرى اغلب توجه الناس وهو البحث عن الرفاهية المطلقة وبأي ثمن ليخيل إليه أننا أمة ريعية نقعد عن العمل وبناء الحضارة والمحافظة على الإرث الانساني ولو كلفهم ذلك التخلي عن الإرث التليد ، وللاسف وكأننا ليس لدينا حضارة ابهرت الدنيا وانساق لها العالم اجلالا وتقديرا.

وعندما أنظر للمجتمع بنظرة تمعن وتقليب البصيرة أرى أننا ننساق وبسرعة عاتية نحو أفعال غيرنا ومحاولة صنع ذوات لاتمت لنا بصلة انما لتقنع الاخرين او للفت نظر الاخرين بعيدا عما نقتنعه او نطمئن لفعله.

عندما أقرا في حضارة العرب اقف حزينًا وفرحًا في آن واحد فحزينًا بأننا لم نستطيع المحافظة عليها هذا ان لم لم نستطيع تصديرها، وفرحًا انني أنتمي وافتخر وأختال بها على الامم فنحن امام حضارة بدور ها أرجعت الامور الى نصابها وأعادت تنظيم العالم وشهدت لها من حاربت قبل من سالمها، والتي اكتسحت العالم بتغييره للافضل والمحافظة على تماسكه بقدر الإمكان وألا يزول ولا يتحول عما رسمه خالقه ومبدعه وصانعه،وهي بدلك أردت للبشرية فقط ان تبقى وفقا لناموس الحياة وقوانينها في قوام واحد ومجال واحد بعيدًا عن الماركسية التي تقدس الجماعة أو الرأسمالية التي تقدس الفردية حتى الناس سواسية كأسنان المشط لا افكار ترفع أناس ولا افكار تضع أخرين اي بمعنى محاولة رسم الفعل قبل القول في مدلول عميق عظيم ألا وهو (بعثنا لنخرج الناس من عبادة الناس الى عبادة رب الناس ).. الخ.

أصبح الكثير منا حاليا يتمنى أن يعود للوراء قليلا ليعيش حياة تقليدية صرفة بعيدة عن اية تعديلات بشرية او رفاهية او على الأقل تجده دائما يلمح او يصرح ( ألا ليت الزمان يعود يومًا) لأننا تقمصنا أدوار غيرنا في الأكل والشرب والملبس والعادات والتقاليد ففقدنا هويتنا ولم نستطع العمل بهوية الاخر كما في الحكاية الاسطورية الغراب الذي اراد تقليد الحمامة في طريقة المشي ففقد مشيته ومشية الحمامة، أصبح كل شي بلاهوية او طعم او قيمة شعورية لاننا أكلنا أكل لايناسب امعاؤنا، ولبسنا لباس لايستر أجسادنا، وعادات لاتناسب واقعنا فلا نحن ارضينا أنفسنا ولم يرضى او يحترمنا أو يخشانا غيرنا.

للاسف اصبحنا نختزل بعض الفضائل او الرذائل في اشخاص معينين بناء على الشكل او الصفة او العرق وتناسيا انا الافعال كما الارزاق مقل او مكثر فنظلم تلك الصفات ونظلم الاشخاص .

هناك فرق بين ان تحترم عدوك وتتمسك بمبادئك وقيمك ولا تهادن في ما كان لك، وان تقلده وتطيعه محاولا استرضاؤه ولقد كانت العرب تطلب المصاهرة من ألد اعدائها في الليل وتحاربها في النهار وذلك إيمانًا منها أن الذات لاتختلف بإختلاف الوقائع، وان من احترمك في العداء صان لك الصداقة، وان من قال لك لا بجدارة وحماية لها قادر ان يساندك بلا تأثير ولا مصلحة مرجوة، وإيمانًا من العرب أن العدو الشريف خير من الصديق الضعيف.

لا احد يعرف ماذا سيؤول اليه التنكر الى الذات وجحود الهوية والتنصل من الحقائق التاريخية، بلغ بنا الأمر ان يُنظر الى عصر النهضة الاخلاقية للأمة والفترة الذهبية بنظرة أزدراء، وأن يطلق عليها فترة الانحطاط، وان تنعت بجيل الطيبين، وكأنه نعت السذاجة والقبح، وإيهام من يجهل ارث الأمة أن هناك بينونة كبرى وبحر من نار بين عصرهم وعصرنا،و بهذه المصلحات واسميها حرب المصطلحات تقلب الحقائق ويزور التاريخ ويتم التضليل على عامة الناس بأن مايتم فعله هو الصحيح ويبقى الأبناء في حلقة مغلقة منفصلة عن أرث اباء واجداد حاربوا وناضلوا من اجلهم ومنهم من قضى نحبه دفاعًا عنها، إن أمةً لاتفتخر بماضيها المشرق وعصر نهضتها وعلمها لاتسطيع ان تواصل مناهضة الأمم وتتيه في صحراء الحضارة العالمية التي لاتعطف على أحد ولا تحابي احد، فإن الماضي هو إمتدادا للمستقبل.

اذا نظرنا لحضارات أمم اخرى كيف سادات وقادت العالم بلا منافس فنجد أنها تخفى جوانب الفشل الكبيرة في جيلهم وتبرز جوانب النجاح الصغيرة فيظهر أمام اعداهم قبل اصداقهم انهم امة لاتقهر وتقود العالم الى منصة الخلود، وللأسف نجد العكس تماما في الأمة وهو مايعمل به حاليا وخاصة وللأسف بعد انتشار وسائل الأعلام المتعددة والمفتوحة على مصراعيها بيد من لا يعرف قيمة وخطورة هذا السلاح فيوجه للداخل وليس الخارج.

إستطاع مناهضين الحضارة العربية الإسلامية سواء الاعداء المندسين او الظاهرين ان يوهموا الكثير من الأسر ان التفكك الأسري هو اساس الحضارة والرقي، وان الاستقلال بالرأي والشذوذ فيه لضرب وحدة الأسرة هي من قوة الشخصية، وأن الانانية وحب الذات والتمرد على المجموعة والفضيلة وخرق سفينة المجتمع هو حق تقرير المصير وهو حق مكفول ومشروع منذ ولادة الانسان، والحقيقة المرة انه دق ناقوس الخطر إيذانًا بإبادة حضارة العرب رويدًا رويدًا حيث أن بناء الحواجز بين الأسرة الواحدة يخفي أثرها من المجمتع وبإخفاء أثرها تختفي الأسر المترابطة وبإختفاء الاسر المترابطة تزول قوة المجتمعات وصلابته وتندثر رسالته السامية فإذا هرمت الاسر واهترى المجتمع تسلط عليه اعداؤه ودب الهرم إليه واصبح الكثير من المنتمين له لايفرقون بين الخطأ والصواب والعدو والصديق يلتبس الأمر حتى على الطبقة المستنيرة.

اصبح الكثير من ابناء المجتمع يبحثون ويستميتون في تنميق المظهر وإهمال الجوهر فأوقعهم ذلك في الكذب والسرقة والاختلاس واهمال بناء النفس التي لو نميت مواهبها لبقيت بصماتها إلى الأبد، ان الذهاب للمقاهي والمطاعم ومحلات الحلوى باستمرار وتصنع الغنى لايذهب الفقر ، والسفر وتصنع الرفاهية والسعادة لايذهب الحزن، إن إجبار النفس بشعور لايحضرها هي نوع من قتل النفس على البطيئ وإنحرافها عن مسار قويم فطرة وجبلة عليه وتحويلها لربوت، وهو بالتحديد محاولة لجعل الروح تتمرد على الجسد فتنهك الروح وينهك الجسد فيفقد الانسان السعادة وتجده يشعر بالبؤس لان روحه وجسد أصبحت في عداء دائم وعدم توافق.

ان السؤال الذي يُطرح على المتخصصين في الطب أين سيكون المجتمع صحيًا في الانتشار الخطير للمقاهي والمطاعم ومحلات الحلوى المحلية والمستوردة والايس كريم، اذ ان الوضع يتطلب ابحاث مكثفة لتوعية المجتمع بالتقنين في تناول هذه الاطعمة ليبقى العقل السليم في الجسم السليم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى