مساحة حرة

الورد الطائفي إرث تاريخي ومنتج إقتصادي مستدام

بقلم / سميرة القرشي

الحديث عن الطائف أو كما يحلو لعشاقها بتسميتها “دلوعة الغيم ” ذو شجون
يظل حديثاً مفعماً بالعواطف ، والسرد التاريخي الطويل والجميل ، والعبق التاريخي لهذة المدينة التي يضرب إرثها الى أعمق جذور التاريخ .
ولكن هذه المرة قررت أن أكتب عن الورد الطائفي بما أننا في موسم الورد ‬⁩ الممزوج بهوية ثقافية وتاريخية فريدة ، ‬⁩ عزز منها الطائفيين بالإهتمام بزراعته وجنيه
وتتويجه في مهرجان الورد الطائفي الذي يقام سنويًا مع بداية نسمات الربيع هو ليس إحتفالاً ترتفع فيه صوت الموسيقى فحسب وتُعرض فيه شتلات الورد !
بل يعد منبرا ً للتباري الثقافي والتاريخي لوردة تاريخية وهي وردة «الجوري الدمشقية» أصل الورد الطائفي، التي كما يقول المؤرخون أنها وردة دمشقية يطلق عليها “الجوري الدمشقي، جلبها الأتراك قبل نحو 500 سنة إلى منطقة الحجاز لزراعتها .
لم تستسيغ هذه الوردة الرقيقة سوى تربة الطائف الحانية لكي ترتبط معها بقصة عشق للتتّوج عروساً يزفها الطائفيين نهاية شهر ديسمبر ويحتفلون بها حتى مطلع أبريل أو مايعرف بموسم «الطرف» .

تبدأ رحلة الوردة الطائفية عندما يبدأ جني الورد بكميات كبيرة من المزارع يتحتم قطفها سريعاً ليتم التعامل مع هذه الوردة الحساسة برفق وحرص شديد، تقطف في سويعات الصباح الباكر وقبل شروق الشمس لأن المادة العطرية أو الدهنية التي تستخلص منها طيارة سريعة التبخر مع الحرارة، كما أن لونها يذهب للبياض مع تأخر وقت قطفها .
تنتقل بعد ذلك إلى مصانع التقطير ليستخلص منها أطيب وأغلى العطور، ومنتجات الورد الأخرى لتسويقها على أشكال ماء الورود بالأسواق المحلية .
وبشهادة خبراء فرنسا «مملكة العطور» فهم يحرصون على القدوم دورياً إلى مدينة الطائف ليعيدوا تصنيع هذه النوعية من الورد الطائفي الذي يُعد الأغلى على مستوى العالم ، حيث تصل سعر تولة الورد إلى أكثر من 3 آلاف ريال .

هذا المنتج الأصيل الذي وصل الى أصقاع الارض ، أين الشركات السعودية المنتجة عن هذا المنتج الوطني الضخم !
يوجد في الطائف قرابة ٨٠ معمل لتقطير الورد الطائفي وهي تعمل بشكل تقليدي
ينقصة الدعم والتنظيم ، بعيداً عن الهدر وإستنقاص هذا المنتج الوطني المهم ، الذي شاهدنا في السنوات الأخيرة بتلاته تتأرجح فوق كوب قهوة ، ويحرك بعنف في كأس شاي أو نراه ينتحب على طبق حلوى .
ليس من المنصف أن نتعامل مع هذا المنتج الحيوي بهذا الشكل يجب تحويل الورد الطائفي الى منتج مستدام
تلك المنتجات التي تقدم فوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية أثناء حمايتها للصحة العامة والبيئة والجمال وذلك طوال فترة حياتها، بدءًا من استخراج المواد الخام منها وحتى التخلص النهائي منها.
وعلى العموم فإنه يحسُن بنا اليوم أن نعمل على تحويل الورد الطائفي إلى مصدر اقتصادي فاعل من خلال البدء في استثمار تلك الوردة في أمور عديدة تتمثل في صناعة العطور التي تصدر خارج المملكة .

أكاد أن أجزم أن للورد الطائفي فوائد أخرى غير التعطير فبحسب الدراسات إنفاق المواطن السعودي على العطور يعد واحداً من أعلى المعدلات في العالم فالسوق السعودي الأعلى إنفاقاً على العطور في العالم .
لذلك فإن الاهتمام بالاستثمار في الورد الطائفي والمنتجات الأخرى المشتقة منه يعتبر أمراً مهماً يجب الالتفات إليه والعمل على جعله مصدراً اقتصادياً مما ينعكس ايجابياً على الناتج المحلي لدولتنا .

وأخيراً … بعيداً عن ذلك يظلّ
جني الورد مهنة طائفية أصيلة وثقافة يتوارثها الأجيال وتقليد طائفي سعودي لا يقل شأناً عن الصحراء ونخيلها وتمورها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى