مساحة حرة

دور الإقتصاد في تأليف قلوب الناس ؟!

كتبه : فوزي محمد الاحمدي

رئيس الوزراء التركي الراحل نجم الدين أربكان ينظر إلى الإقتصاد على أساس أنه تأليف لقلوب الناس (الإقتصاد الإسلامي) . في عهد الخليفة الخامس عمر بن عبدالعزيز لم يكن هناك أي فقير أو محتاج أو حتى مريض يستحق الزكاة أو الصدقة أو حتى مد يد العون والمساعدة إليه , وبالتالي تجد المجتمع في تلك الفترة وقد عاش بطمأنينة وسلام (الإستقرار) .

وإذا تأملنا في النظام الإقتصادي في العصر الحديث , لوجدنا أنه لم يتجاوز حدود الإقتصاد الإشتراكي الذي يكون فيه الناس سواسية مثل (القطيع) , بغض النظر عن الفروقات الفردية الموجودة بينهم من حيث الكفاءة والموهبة والعطاء , وحيث تجد فيه الإنسان مجرد رقم لا وزن ولا قيمة له ويحرم من أبسط الحقوق (الملكية الفردية) , وبالتالي فكان من الطبيعي جدا أن تسقط نظرية يا عمال العالم إتحدو (كارل ماركس) وبالضربة القاضية على يد الرأسمالية والتي بدورها مع الزمن توحشت وتغولت ومن خلال شعار (دعه يعمل , دعه يمر) دون أي رادع من ضمير أو أخلاق .

فلا صوت يعلو فوق صوت الدولار (جني الأموال) والغاية تبرر الوسيلة (الميكافيلية) ! للأسف تجد أنه في الحضارة الغربية لا يوجد ما يمنع من إستغلال الآخرين . إنتصرت الرأسمالية ليس لأنها الأفضل بل لعدم وجود البديل الجاهز . في أمريكا 5% من عدد السكان يسيطرون على 95% من الثروة , وثمرة ذلك أن هناك أكثر من (40) مليون أمريكي تحت خط الفقر , الكثير منهم يتخذ من الشوارع مأوى وملجأ ويعتمدون على الجمعيات الخيرية والكنائس في تأمين الغذاء والدواء (الحلم الأمريكي) ! وقد نتج عن ذلك تآكل (الطبقة الوسطى) والتي تعد صمام الأمان ومصدر الإستقرار للمجتمع , بل هي تعد المحرك الأساسي للإقتصاد في أي دولة , وهذه الطبقة هي التي تملك القدر الكافي من الأموال الذي تستطيع من خلاله تأمين الإحتياجات (الأساسية) مثل الملبس والمأكل والسكن وأيضا بعض(الكماليات) مثل التعليم الخاص والسيارات والمجوهرات .

تعد الطبقة الوسطى معقل المنشآت الصغيرة ويتركز فيها أكثر من 60% من الأيدي العاملة (التجزئة) , و تعد مصدر دخل بنسبة 80% من الناتج الإجمالي (الإبداع) . في ظل النظام الرأسمالي نجد الطبقة الوسطى تتراجع وتتآكل في العالم لصالح الطبقة العليا (الشركات العملاقة) والعابرة للقارات والمتوحشة , وبالتالي نجد الإقتصاد العالمي يتجه نحو الركود ونشهد الإغلاق الكبير للمنشآت الصغيرة (البطالة) , وبالتالي بدأت الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية في العالم تتجه نحو عدم الإستقرار . أعتقد أن البديل الآن بدأ يظهر وينمو ويطفوا على الساحة الدولية (الإقتصاد الإسلامي) , حيث تم إنشاء العديد من البنوك الإسلامية والتي لم يمسسها سوء عندما ضربت الأزمة المالية العالم عام 2008م , فبدلا من الفائدة (أم الشرور) هناك القرض بدون فوائد من خلال المشاركة في تحمل المخاطر , وتحريك الاقتصاد من خلال تأسيس وتمويل المنشآت الصغيرة (صناع الحياة) , وهذه المؤسسات والمصارف الإسلامية تشهد ازدهارا كبيرا حتى في العالم الغربي , رغم التضييق عليها في دول العالم الثالث , ثم تأتي الزكاة والصدقات والجمعيات الخيرية الإسلامية والأعمال التطوعية لتضبط إيقاع الإقتصاد من خلال تلبية إحتياجات المعوزين (التكافل) .

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى