كتاب واصل

الله أقرب مهما ظلمك القريب

كتبه : سالم جيلان أبو يزيد

كتبت قبل أيام عن الظلم والجحود والطغيان وكان العنوان هو ” هضم الحقوق… طغيان وجحود” وقد كان المقال يتحدث عن الظلم وأثره والجحود وآلامه والطغيان ومآسيه بشكلٍ عام ووعدت كل قارئ لمقالاتي بسرد بعض قصص الظلم وحكايات الجحود وروايات الطغيان قصةً بعد قصة في سلسلة مقالات متواصلة مهما تخللها من كتابات أخرى في الشأن الاجتماعي والمجال الرياضي ستبقى مساحة في ذاكرتي ومِداد لقلمي يلامسان هذا الجانب.

قصة هذا المقال ينطبق عليها قول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد :

وظُلْمُ ذَوِي القُرْبَى أَشَدُّ مَضَاضَةً

عَلَى المَرْءِ من وَقْعِ الحُسَامِ المُهَنِّدِ

نعم ما أشد وطأة الظلم عندما يقع على إنسان من قريبٍ أو صديق هنا يصعُب على المظلوم تحمل وتقبل هذا الظلم والإجحاف ممن يُرجى عونه ومعاونته ثم تتفاجأ بطغيانه!!!!

قصتنا بطلها شاب في أحد الأحياء المكتظة بالسكان من الأقارب والمعارف والأصدقاء حيث أمضى سنوات من عمره يحلُم بالالتحاق بالمدارس غير أن ظروف أسرته وعدم اهتمام والده بالتعليم حالتا دون التحاقه بالمدرسة مثل بقية أقرانه ومع ذلك عاش حياةً هانئة قرب والديه وأسرته لكنهم ظلوا لسنوات يعيشون بين مطرقة جارهم القريب وسندان صديقهم الجار… يحكي هذا الشاب اضطهاد أقاربه لوالده ووالدته وطغيان جارهم وجبروته في حقهم بصور متعددة وأشكال متنوعة وبمرارة يحكي لي وفي حديثه غصة ودمعة تحبسها الأحداق فيقول .. كنت أشاهد صبر أمي وتجاهل أبي فأكظم غيظي وأحبس غضبي فلا حول لي ولاقوة بحكم طفولتي لا أستطيع مجاراة ظلم الأقارب أو محاربة طغيان الجيران فالتزمت الصمت ولم أُضمر في نفسي نية الانتقام وأوكلت الأمر لله كما هو حال والدي ووالدتي.

دارت الأيام وتعاقبت السنوات وأبي منشغل بعناء العمل بحثًا عن لقمة العيش بين الأسواق لا يشغله سوى إطعام أفواهنا وكسوة أجسادنا ووالدتي على الجانب الآخر تسعى لمساعدته في كل ماتستطيع عمله.

استمر عداء جارنا ذي القربى وجارنا الجنب لنا وكانت تصلنا أقاويل وتأويلات عن أفعال وتصرفات ظاهرها العداوة ودافعها الحقد دون أسباب أو مسببات وازداد معها صبرنا ورباطة جأش والدي بينما كانت والدتي مثلها مثل أي أنثى ترد ببعض الأقاويل دفاعًا عن أسرتها وإنصافًا لنفسها.

يقول هذا الشاب كنت أتحدث مع نفسي متسائلًا عن مدى إمكانية توقف هذا الظلم وردع ممارسيه وكيف يمكن مجابهة الطغيان؟
وبكل صراحة كنت غافلًا عن قدرة رب العالمين على دحر كل ظالم وإشغال أي طاغية بنفسه وكانت إرادة الله القادر على كل شيء فوق كل إرادة حيث اندلع خلاف كبير بين الجارين جعلني أسترجع الدعاء الذي يُكرره الشيخ السديس على مسامعنا في كل رمضان فيقول فيه ” اللهم اضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين” حيث توسع هذا الخلاف وتفاقم حتى وصل للتجاوز والاعتداءات وتبادل الاتهامات ونشأت بينهما قضايا وصراعات أشغلتهما عن والدي ووالدتي دون أن يلحقنا أذى…. عندها أدركت أن الله يُمهل ولا يُهمل سبحانه وتعالى وأيقنت بقدرته عز وجل على نصر المظلوم ودحر الظالم.

هذه قصة مظلوم انتصر له الله بعد حين وأشغل ظالمًا بآخر ليرتاح ويهنأ آخرون بقدرته سبحانه …. الظلم والجحود حكايات وصور في مقالات قادمة بعون الله.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى