كتاب واصل

المختصر المفيد في ظل تعديلات نظام التنفيذ بين مصلحة الدائن ومصلحة المدين

المحامي والمستشار القانوني
حسين بن ناجع بن عسكر

في إطار تحقيق رؤية معالي وزير العدل في التحول الرقمي بتحديث وتطوير اللوائح الخاصة بالأنظمة المرعية ذات الصلة لضمان حسن سير العدالة بما يحقق مصلحة أبناء الوطن أفرادا وكيانات تجارية , حيث صدر قرار معالي الوزير رقم (7207) وتاريخ 4/6/1441هــ والمتضمن معالجة تنظيمية، للمواد (46) ، (83) من اللائحة التنفيذية والمرتبطة بإيقاف الخدمات للمنفذ ضدهم وكذلك ما يتعلق بالحبس التنفيذي ، غير أن هذه التعديلات أثارت جدلا واسعا بين أوساط المخاطبين بأحكامها ممن لديهم دعاوى تنفيذ قائمة سواء من الدائنين أو المدينين , وقد أشكل عليهم فهم النتائج المترتبة على هذه التعديلات ، ومن منطلق واجبنا المهني تجاه أبناء الوطن يسعدنا أن نوضح بإيجاز تفسير أهم التعديلات بطريقة مبسطة للمتلقي .
لما كانت التعديلات قد تضمنت إلغاء المادة (5/46) من اللائحة التنفيذية لنظام التنفيذ والتي كانت تقضي على أنه «يشمل منع الجهات الحكومية من التعامل مع المدين إيقاف خدماته الإلكترونية الحكومية». وبما أنه نشأ أزمة بسببها سميت موقوفي الخدمات الحكومية الإلكترونية وتأثرت بها حياة المدينين وتجاوز الضرر إلى المحيطين بهم كأفراد الأسرة حيث حجبت عنهم خدمات حكومية أساسية، عليه فإنه بعد الغاء هذه المادة أصبح أمر الإيقاف يقتصر على منع التعامل «المالي» فقط، بمعنى أن ايقاف الخدمات لن يكون بإلقاء جميع الحزم الواردة في اللائحة كما كان في السابق بإيقاف كلي لجميع الخدمات الإلكترونية للمدين كتجديد هويته الوطنية أو تسجيل مولود له أو إصدار وكالة شرعية تخصه في الأموال والسجلات التجارية والصكوك …ألخ
والجدير بالذكر أن هذه التعديلات لم تطال منع السفر حيث إن المنع ليس له علاقة بإيقاف الخدمات الحكومية الإلكترونية لأن منع السفر في المادة 46 فقرة مستقلة بذاتها ولا تتعلق بإيقاف الخدمات الإلكترونية.
كما إن هذه التعديلات أقرت وضع ضوابط لمدة الحبس التنفيذي بعد طلب من طالب التنفيذ، وعملت على تقنينه استرعاءً لسن المنفذ ضده ووضعه الأسري، حيث تم تعديل المادة (83/2) ليكون (الحبس التنفيذي الوجوبي) إذا كان مقدار الدين –أو مجموع الديون- مبلغ مليون ريال فأكثر، بعد طلب من طالب التنفيذ، وذلك بعد إصدار الدائرة الأوراق المنصوص عليها الفقرات (1، 2، 3، 4، 5) من المادة 46 من النظام. ومضت مدة 3 أشهر، ولم يقم المدين بالوفاء، أو يعثر له على أموال تكفي للوفاء، ولم يتقدم بدعوى إعسار، ولا يجوز الإفراج عنه إلا بموافقة طالب التنفيذ، أو بموجب حكم خاضع للاستئناف. فأمر الإفراج هنا قد تقرر وجوبا لصاحب المديونية فقط دون خضوعه لقاضي التنفيذ حفظا لحقوقه ولاحتمالية وصول الطرفان لحلول تسوية ، كما أن الإجراء السابق المعمول به في الفقرة (83/2/2) لم يعد خياراً متاحاً للقاضي ، بشان الكفالة الحضورية التي تعد سندا تنفيذيا في حال عدم حضور المدين عند طلبه .
وتبعاً لما سبق فقد تضمنت هذه التعديلات إضافة مادة جديدة للائحة برقم (83/3) لتكون بالنص الآتي: “مع مراعاة أحكام دعوى الإعسار المنصوص عليها في النظام، إذا أصدرت الدائرة الأوامر المنصوص عليها في الفقرات (1، 2، 3، 4، 5) من المادة (46) من النظام، ومضت مدة 6 أشهر، ولم يقم المدين بالوفاء، أو يعثر له على أموال تكفي للوفاء، ( الحبس الجوازي ) فيجوز إصدار الحكم بحبسه بناء على طلب من طالب التنفيذ، على أن يتم استجوابه خلال 15 يوماً من تاريخ حبسه، وللدائرة الإفراج عنه في أي وقت بعد استجوابه إذا ظهرت دلائل على جديته في تسوية وضعه المالي. فالتعديلات الجديدة أقرت لقاضي التنفيذ سلطة تقديرية في الإفراج عن المدين رفعا للضرر طالما ثبت لديه أدله على جدية المدين في السداد، وأوضحت التعديلات الأخيرة أن مدة الحبس لا تزيد عن 3 أشهر ويكون التمديد بعد الاستجواب لمدة مماثلة أو مدد متعاقبة لا تزيد عن 3 أشهر، وذلك طبقا لإجراءات الحبس وعدم تفاوت الإجراءات وضمان عدم تضرر المدين ضرراً بالغ بذلك. وهذا التعديل ألغى حالتين للحبس الوجوبي وهي (إذا كان عدد الدائنين أكثر من خمسة – وإذا كان سبب المديونية توظيف الأموال وما في حكمه) وأصبح الحبس الوجوبي في حالة واحدة فقط إذا تجاوز الدين أو مجموع الديون مليون ريال، وسيساهم ذلك في إلغاء حالة حبس المدين بغض النظر عن سبب نشؤ الدين فالعبرة بمقدار الدين بغض النظر عن عدد الدائنين كما كان معمول به في السابق .
هذا وفي لفتة إنسانية هدفها مراعاة الظروف الإنسانية والاجتماعية التي قد تلحق بالمدين أو بمن يعولهم فقد قنن قرار وزير العدل أحكام المادتين (83/2) و(38/3) بإضافة مادة برقم (83/4) بهدف ضبط مسألة الحبس التنفيذي بما يظهر عليه المنفذ ضده من حال فلا تسري أحكام المادتين إذا كان المنفذ ضده قد تجاوز الـ 60 عاماً، أو إذا كان للمدين أولاد قاصرين وكان زوجه متوفى أو محبوسا لأي سبب، مع ملاحظة أمر مهم أن ذلك لا يعني ان كل مدين لديه قُصر مشمول بهذه المادة بل هي معلقة على شرط عدم وجود العائل البديل لهم مثل الزوج / هـ
كما نود الإجابة على ما أثير من تساؤلات لدى الكثير من المخاطبين بأحكام نظام التنفيذ وتعديلاته الجديدة على اللائحة وعلى رأسها ما هو وضع المساجين القدامى في ظل هذه التعديلات حول وضع المسجونين السابقين على ذمة القضايا السابقة ؟؟ والجواب على ذلك أن القرار الجديد يسري من تاريخه على القضايا القديمة والحديثة، وللقاضي سلطة تقديرية للنظر في لكل قضية على حده ومن ثم الحكم فيها حسب ما يراه .,,, وبالله التوفيق .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى