مساحة حرة

من أنت ؟

كتبه : ابراهيم سعيد بخروش

صراخُ طفلٍ يشقُّ كَبِدَ اللّيل..

يتبعه بكاء أمٍّ تشكو في جوف الظلام

لمن عينه لا تنام :

ربٍّ ارحم ضعفه..

فالأقدار لم تراعِ صغر سنَّه..

ثم عَمَّ الهدوء ، بعد أن نام الطفل المُتْعَب.. وتوقف تدفق دموع الأمّ..

فإذا بتنهيدةِ مسِنٍّ كانَ يراقبُ المشهد بتأثُّرٍ بالغ..

يقترب منهما بخطوات متثاقلة..

مع صوت الخُطى.. تلتفت نحوه الأم..

ثم ينحني – ذلك المُسِنُّ – كانحناءةِ الزمانِ البعيد..

تسأَلُهُ بخوفٍ : من أنت؟ وماذا تريد؟

يردّ عليها بابتسامة لا تخلو من الألم والحزن :

لقد أتيت هنا لمواساتك ..

ألا يكفيكِ أن أخبركِ أنَّكُما في بداية الطريق..

نعم.. فأمامُكما طريق طويل..

هيّا انهضي وواصلي المسير..

فرُبَّ يومٍ يبتسم الحظ لهذا الصغير..

قالت: ولكن لماذا أنتَ هنا ؟ وما حكايتُك؟

قال لها : مهلاً ياسيدتي..

أنا قصةٌ لعُشَّاقِ العِبَر والعَبَرات..

أنا كلٌّ أمرٍ لا مفرّ منه

أنا ما بين البداية والنهاية

أنا:

خليطٌ مِنْ لحظاتِ سعادةٍ نادرة..

كتلك التي قد لا تأتيكِ إلا مرةً في العمر ..

ولحظات شقاءٍ تكونُ كـ ندبة في الروح..

إن بدأت في الطفولة واستسلمتْ لها الروحُ تستمرُ العمرَ كلَّه..

أنا ذلك الجزء من الزمان الذي يبدأ بالولادة وينتهي بالموت

أنا :

“.. رحلة بدأتْ بصرخة أمّ وستنتهي بنواح الأولاد و الأحباب.. “

هل عرفتِ منْ أنا ؟

نظرت إليه بابتسامة تُغَالبُ الحُزْن و قالت : أهلاً بالحياة

ثم نهضت من مقعدها و انطلقت بطفلها..

وهي تضاحكه تحت شعاع القمر..

تارةً ترفعُهُ نحوَ السماء.. وتارة تضمُّهُ بذراعيها..

إلى أن أشرقت الشمس..

فأصبح طريقهما أكثر وضوحاً.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى