كتاب واصل

لايفات القبائل .. وإدارة الازمات

كتبه : نايف بن فهد المصارير

أصبحت شبكات التواصل الاجتماعي جزءاً من الحياة اليومية لغالبية الأفراد خلال السنوات الأخيرة، فمن خلالها تُقرأ الأخبار، وبها يتم التعارف وبناء العلاقات ، ومنها انطلقت العديد من الثورات، وأصبح من غير الطبيعي أن لا يملك شخص حساباً واحداً على الأقل في إحدى هذه الشبكات.

ومع تطورها نشأت العديد من البرامج والشبكات التي لاقت رواجاً واسعاً داخل المجتمع السعودي خاصة في ظل البطالة المُقَنَّعة والفراغ بأنواعه، والحديث هنا عن تطبيق السناب شات بشكل خاص الذي جاءت فكرته بتوثيق الأشخاص لحياتهم اليومية ومشاركتها، فسارعت حينها وسائل الاعلام لوضع حساباتها لتكون إحدى منصاتها لترويج الأخبار كحسابات المناطق والقبائل.

حيث افتتحت العديد من حسابات القبائل والمشار إليها (اللايفات) فحققت رواجاً واسعاً بين أفرادها لنشر أخبار ومناسبات وتاريخ القبيلة المشرف حتى تولاها صغار السن الذين أصبحوا بمثابة الزلازل التي تهدد قواعد وأعمدة القبيلة الواحدة، فتجدهم دائماً مايزايدون على قضايا القبيلة بدعوى (الفخر والحمية) حتى تصدروا المشهد الإجتماعي متحدثين بإسم القبيلة ومحاولين بذلك خطف دور شيخ القبيلة ونوابها الرسميين والمعتمدين من قبل الدولة، فعند حدوث أزمة بين قبيلتين تجدهم يسطرون بيانات بإسم القبيلة، بخطاب عنصري بغيض يثير النعرات والتعصب ويفكك النسيج الإجتماعي، وذلك بالتهجم الإعلامي المتخبط فيما بينهم حتى وصل الحال إلى رمي القبيلة بأكملها وتحميلها ذنب أحد أفرادها مع كم هائل من السب والشتم والتعدي على قبيلة ذلك الفرد، وليس ذلك فحسب بل اصبحت تلك المنشورات بمثابة الشحن والتحفيز لابناء القبائل، مما أدى إلى إنتشاء روح الكراهية والبغضاء والتحسس بينهم في المجالس وبرامج التواصل الإجتماعي وهم قبل ذلك أصحاب متحابين ، والعجيب والأدهى والأمَرّ هو أن تجد شيخ القبيلة واقفاً موقف المتفرج على عبث العابثين بسمعة القبيلة دون أن يحرك ساكناً وكأن الأمر لا يعنيه ولا يعني القبيلة ضارباً بدوره الإجتماعي المناط حوله عرفاً ونظاماً عرض الحائط !

وكأن القبيلة مستسلمةً لا شعورياً لهؤلاء السفهاء ومايزعمونه من حق يراد به باطل (كمسجد الضرار) يتكرر عبر التاريخ ومن حق صاحب الأمر هدمه كما فعل الرسول الكريم من قبل.

والواجب على القبيلة نفي الخبث عن نفسها والابتعاد عن كل من يريد امتطائها لأي أجندة كانت، واستعادة هويتها المتسامحة لأن هوية القبيلة العربية الأصيلة لاتقوم على مبادئ هؤلاء وعقولهم الفارغة التي لم تنضج لا بالعلم ولا بالتجارب، بل قامت على مكارم الأخلاق والعادات الحسنة والقيم الطيبة التي أقرها الإسلام من كرم ومروءة ونخوة وشهامة وعفو وتسامح وسمو نفس .. إلخ،

ولنا فيما امتلأت به كتب الروايات الشعبية عن أمجاد الأجداد لعضة وعبرة بالسباق في ميادين مكارم الاخلاق، حينما كان العقلاء وكبار السن الذين صقلتهم تجارب الحياة يديرون شأن القبيلة.

ونظراً لكون الإعلام السلطة الرابعة فبإمكانه سد الفراغ لمكافحة مثل تلك البيانات العنصرية المتخلفة وذلك بتفعيل دور حكماء القبيلة ومثقفيها وعقلائها وشعرائها ورجال إعلامها ، لتنير الظلام في الدعاوى الجاهلية، سواء بطرق مباشرة أو غير مباشرة لإتقاد مظاهرها ولوم مؤيديها والنصح والتوعية، فالادوات الاعلامية متوفرة واصبح الوصول للمتلقي اسهل من اي وقت مضى، فلماذا الصمت ؟

ختاماً قبلة على جبين كل شيخ قبيلة نأى بقبيلته عن مستنقع المهاترات، قبلة على جبين كل من يحمل هم جمع القبيلة ويحاول لم شملها، قبلة على جبين كل من يدير حساب قبيلة أقام لرجالها ولسمعتها وزناً يليق بها محكماً دينه وعقله في كل مايصنع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى