كتاب واصل

وللجَسَدِ كَلِمتُه .. !

كتبه : عزة موسى الزهراني

عند الهزيع الأخير من الليل ، دخلَ غرفةَ الطوارئ ، استلقى على ظهره ، وتمدّد على السرير متهالكًا ، يحسّ باختناق شديدٍ ، وضيقٍ في التنفّس ، وغثيانٍ ، ودوخةٍ .. دارَ في خَلَدِه أنّها الرقدةُ الأخيرةُ له في هذه الدنيا !

أسرع الطبيبُ إليه يفحصُه ، فوجد أن ضغطه قد تجاوز المئتين ، ونبضات قلبه فوق المئة والخمسين .. وصفَ له حبوبًا لتخفيض الضغط ، وأخرى لتهدئة القلب . فما أفادتْ معه شيئًا ! .. لا زال الضغط كما هو ، ولا زال القلبُ يرجُفُ !

ومع الصّباح غادرَ المشفى على أملِ أن يعرض نفسه على طبيبٍ متخصِّص .. وقضى أيامًا طويلةً يطوفُ فيها على المشافي ، وكانت نتائج الفحوص تأتي (سليمةً) ! .. احتار الأطباء في أمرهِ ، وعجزوا عن أن يتوصّلوا إلى تشخيص حاله .. ثم لم يجدوا إلّا أن (يتّهموه) بالوسوسة ، ووجوبِ عرْضِه على طبيب (نفساني) !

عادَ الرّجلُ إلى نفسه ، يتفقّدها ، يحاسبُها ، يسائلُها : ما هذا الذي يحدث ؟ ما سببُه ؟

راجعَ شريطَ حياتِه في الفترة الأخيرة ، فوجدَ أنّ المصائبَ قد تكالبتْ عليه من كل حدبٍ وصوبٍ : فُقدان أعز الناس عليه ، إخفاقٌ شديدٌ في العمل ، جفاءُ أقربِ الناسِ إلى قلبِه .. هذا ما بينه وبين الناس .. أمّا ما بينه وبين خالقِه فقد وجد أنه كان مقصِّرًا كل التقصير في حقّه – جل وعلا – !

هنا أيقن الرجلُ أنّ (جسدَه) قد أعلنَ احتجاجَه ، وقال كلمتَه .. فلم يعُد يطيقُ صبرًا على كل هذه التحوّلات النفسيةِ الرهيبة ، ولا هو قادرٌ أن يحتوي روحًا ابتعدتْ عن الله !!

عادَ إلى ربه ، ووثّق صِلتَه به .. وتعامل مع الناسِ بما يرضي الله ! .. وبعد فترةٍ عاودَ زيارة الأطباء ، فدُهشِوا من وضاءةِ وجهه ، وصحّة بدنه ، وسلامة الفحوص .. فأخبرهم الخبر ، فضربوا كفًّا بكفٍّ !!

ما كل الأمراض البدنية منشؤها مادّيٌّ .. إن الروحَ لتمرَض !!

تعاهدوا أرواحكم ؛ قبل أن تتلف أجسادكم !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى