مساحة حرة

صراع الجُلاّس

بقلم / م. منير المطرفي

لذوي الجدال إذا غَدَوا لجدالهم
حُجَجٌ تضلُّ عن الهدى وتجُورُ

وُهُنٌ كآنية الزُّجاج تصادمَتْ
فهَوت، وكلٌّ كاسرٌ مكسورُ

هكذا وصف ابن الرومي متعاطي الجدل من مخالطيه واهل زمانه و(كلٌّ كاسرٌ مكسورُ)، فيا ليت شعري ما قد يقول عن حال بعض مجالسنا حين تدور دوائر المراء والجدل بين سادة الحكي و سلاطين النقاش، وما أظنه إلا عاجز – وهو الشاعر المجيد وصاحب المعاني النادرة – عن وصف كيف تُستل سيوف الألسن وأطراف القنَا لتُدك حصون الخصوم من الجالسين والندماء، ولترتفع أصوات المتدافعين في موجات الهجوم وارتدادات الدفاع إنتصاراً بمقولة لمغرد مشهور أو مقطع مجتزأ لعالم مكبور او حجة واهية لأعداء يتربصون ببلادنا في مشارق الارض ومغاربها. وما ان يحمى الوطيس وتبلغ النفوس الحناجر حتى تسد الأفق خيول المناصرين لهذا الطرف أو ذاك فيختلط الحابل بالنابل ويكثر الهمز واللمز ويعظم الشقاق والتنافر، فلا فكرة تطرح ولا علمٌ يؤخذ ولا فائدة تُرجى إلا ضجيج يصم الآذان وهرطقات ما أنزل الله بها من سلطان ..

وما أن ينفض المجلس وتضع الحرب أوزاها ويعم الصمت أرجاء المكان ويعود المتجادلون إلى خلواتهم حتى تجْتَرُّ القلوب ما امتلأت به من هفوات الأصحاب وهمزات الأحباب مادفعهم إلا استباق الحديث وتزاحم الدِّلاء – وما أظن أغلبه إلا من دون قصد أو تقصُّد – فتمتليء القلوب بالضغينة وتلهج الالسن بالغيبة والنميمة في غياهب زوايا مظلمة يحضرها الشيطان وتغيب عنها الملائكة فتفيح القلوب حقداً وغلاًّ وغبينة، فلا ظهراً أبقى ولا أرضا قطع.

أيها الاحبة ..

قا ل رَسُولُ اللَّه ﷺ: (أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا).

بقلم / م. منير المطرفي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى