كتاب واصل

الشيلات القبلية واللُحمة الوطنية

بقلم : محمد مساعد

كانت شبه الجزيرة العربية أرضا موحشة تعج بالعصابات وقطاع الطرق وتنتشر فيها الحروب القبلية والنعرات العرقية والثأر والغزو والقتل والسلب والنهب حتى لم يكن للإنسان قيمة .
وتزداد وضاعة قيمة الشخص كلما قل نسبه وضعف حسبه وانعدم ملكه .
حتى قيل أنهم يقدمون الفقير المعدم ليكون فداء لقاتل غني أو ذي مكانة او عشيرة .
هكذا كانت الطبقات الاجتماعية وهكذا كانت الحياة التي تتبع في نمطها قانون الغاب فالقوي يأكل الضعيف .
حتى جاء الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود – طيب الله ثراه – ليوحد الإنسان قبل المكان ويقضي على القبلية المنتنة ويوحد الصف والكلمة وبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس مقدما أرواح الرجال في المعارك التي خاضها والأموال الطائلة في بناء وحدة اجتماعية متلاحمة لا فرق فيها بين جنوبي وشمالي او شرقي وغربي ولا يجد الإنسان فيها *غربة* أينما تواجد .
فالوطن واحد .
ولا شك أن هذه الوحدة وهذه اللحمة الوطنية أغاضت الكثيرين ممن حاولوا عبر كل الطرق أن يزعزعوا هذا النسيج ويحدثوا خللا اجتماعيا فيه حتى يسهل بعد ذلك تمزيقه إلى قطع متناثرة .
هكذا كانت أحلامهم ولم تعد سرا مخططاتهم .
استخدموا التفجير فما زاد ذلك للشعب إلا قوة وصلابة .
واستخدموا الإشاعات فما زاد ذلك للشعب إلا وعيا ودراية .
واستخدموا الحرب الإلكترونية وبثوا من خلالها أفكارا هدامة وصورا مغلوطة واخبارا ملفقة فما زاد ذلك للشعب إلا تماسكا وقوة .
باتت كل حيلهم مكشوفة وكل خططهم معروفة ولم ولن يفلحوا ما دام في هذا البلد قرآن يتلى وأذان يرفع وشريعة تطبق .
إلا أن الحذر واجب والحرص مطلوب والسعي إلى سد الذرائع وقفل أبواب الشر أمر حتمي على المواطن قبل المسؤول .
والألم أن يؤتى الوطن من حيث لا يتوقعه العدو قبل الصديق .
انتشرت في الآونة الأخيرة ما يسمى بالشيلات والأهازيج على كافة المستويات .
شيلات قبلية تمجد القبيلة وتدعو إلى العصبية بأصوات أقل ما يمكن أن يقال عنها أنها أبواق شر انطلقت في سماء الخير .
ايقاعات حماسية وكلمات تحريضية وقصائد تبث في نفوس الصغار حماسا يتعدى الفخر بالنسب *والقبيلة* إلى احتقار الآخرين والتقليل منهم .
فأصبح التنافس في هذا الشأن على أشده فما تكاد تخرج شيلة لقبيلة ما حتى يقابلها شيلات لقبيلة أخرى والكل يقول أنا أنا ومن بعدي الطوفان.
هذا على مستوى الشيلات القبلية وقس على ذلك الأهازيج التي تردد في المدرجات الرياضية التي تحتوي على عدائية واضحة وهجوم شرس على المنافس أخرج الرياضة من متنفس بريء إلى بيئة احتقان مخيفة زاد من خطورتها محللون رياضيون بثوا التعصب وأوقدوا نار الفتنة في أوساط الشباب .
آن الأوان لتدارك الأمر والوقوف على ما يتم قوله ونشره وتقنين الشيلات وتشديد الرقابة حتى لا يخرج إلى الناس إلا النافع منها . ودمت يا وطني موحِدا موحَدا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى