كتاب واصل

مركز قياس واختيار التخصص !

بقلم : محمد أحمد آل مخزوم

تضطلع هيئة التقويم بوزارة التعليم في الوقت الحاضر بصلاحيات واسعة تجعلها أمام مسؤوليات جسيمة لتطوير المنهج المدرسي بمفهومه الشامل، والنهوض بالعملية التعليمية في كافة القطاعات التعليمية، وتسعى سعياً حثيثاً لتجويد العمل من خلال ورش العمل واللقاءات المستمرة المنعقدة لبلورة أفكار وخطط ورؤى للتطوير على المستويين المادي والبشري معاً.

إن المركز الوطني للقياس وهو أحد مخرجات هيئة التقويم كان نقلة نوعية في الاتجاه الصحيح كشفت من خلاله اختبارات القياس عن المستوى الحقيقي للطالب للوصول للنسبة الموزونة الثنائية أو الثلاثية والتي من خلالها يكون القبول في التخصص الجامعي وفق المقاعد المتاحة.

كان الأمل معقوداً على المركز ولا يزال في مساعدة الطلاب في الكشف عن المهارات والاتجاهات التي يمتلكونها كون المركز هو المكان الأمثل نظراً لما يتمتع به من مصداقية، ناهيك عن الإمكانات المتاحة التي تتوفر به عن غيره من المراكز الأخرى إن وجدت..!  

كثيرون هم الذين يمتلكون المهارات في مجالات مختلفة، ولم يحالفهم الحظ لاختيار التخصص الأمثل فيما بعد المرحلة الثانوية، نظراً لغياب الرؤية عند الأسرة في تحديد الميول والقدرات لدى الطالب.

غياب الرؤية عادةً ما يؤدي إلى العجز عن كشف المهارات التي يمتلكها الطالب، فيتولد عن هذا شعور باللوم والندم مستقبلاً عندما يلتحق الطالب بالعمل، وبعد أن يدرك أن هذه المهنة التي يشغلها،  لا تلبي طموحه، أو تحقق رغباته، أو تدفعه نحو الانجاز والانتاجية.

قد يلتحق من لديه المهارات اليدوية والرياضية ليدرس في إحدى الكليات التربوية فيكون معلماً  بدلاً من أن يكون مهندساً ناجحاً،  أو يلتحق بالطب من يملك الصوت الجميل والفصاحة والبيان فيكون طبيباً بدلاً من التحاقه بالصحافة فيكون “إعلامياً بارزاً،  أو يتوجه للكليات العسكرية من يمتلك القدرة على الفهم والاستنباط فيكون ضابطاً بدلاً من التحاقه بالكليات الشرعية  ليكون “قاضياً عادلاً”،  وهذا يعني غياب الرؤية لدى الطالب في اختيار التخصص المناسب.

الفترة الزمنية المحدودة بعد إنهاء الدراسة بالمرحلة الثانوية وبين التحاق الطالب بالجامعة غير كافيه لمعرفة  كليات الجامعة وتخصصاتها، أو حتى المعاهد والكليات الأخرى غير الجامعية نظراً لكثرتها، ما يجعل الطالب وأسرته في حيره، ليتم اختيار التخصص بعد ذلك عشوائياً حسب المتاح.

معظم الطلاب الخريجين حديثاً من المرحلة الثانوية، لا يعرف طريقه، ولا يستطيع تحديد ما يُريد، ولا أين يتجه؛ ما يستدعي من وزارة التعليم القيام بدورها المأمول في مساعدة الطالب، والوقوف معه، وتحديد قدراته وميوله واهتماماته من خلال اختبارات “قياس للتخصص” لكافة الطلاب في المستوى الأخير من المرحلة الثانوية ، وإجراء المقابلات الشخصية لكافة الطلاب من قبل الفريق الإرشادي الذي سوف يكشف حتماً عن  مواهب واعدة يمكن الاستفادة منها وتوجيه الطالب الذي يمتلكها نحو الأفضل.

إن مشروع اختبارات القياس القائم حالياً قد اقتصر على تحديد ما لدى الطالب من قدرات ذهنية وتحصيل دراسي ، دون أن يكون للميول والاتجاهات أي اعتبار أو إشارة، ما يجعل قياس هو المكان الأمثل الذي يمكن من خلاله تحديد عناصر القوة والضعف لدى الطالب في كافة مناحي الحياة للوقوف على إمكاناته وقدراته الحقيقية ليس على المستوى الذهني والمعرفي والتحصيلي فحسب، بل حتى في الجانب الشخصي والمهاري والوجداني  لتشخيص الواقع والتوجيه دون إلزام لاختيار الطريق الصحيح نحو التخصص الدقيق لدراسته، وهو ما يتطلب إضافة اختبارات أخرى للمقياس لا تتوفر في الوقت الحاضر..!

نحن على يقين أن هذا الإجراء سوف يكون إضافة ونقلة نوعية للطالب للإبداع في المجال الذي اختاره وارتضاه وفقاً لميوله واهتماماته حسب المقياس، كما سيؤدي إلى الحد من التسرب بعد الانتظام في الدراسة بالجامعة للبحث عن البديل، ويقلل من الهدر في الموارد البشرية والمادية في التعليم والعمل معاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى