كتاب واصل

(( حديث من القلب ))

عندما يهبك الله طفلا توحديا يعيش معك تفاصيل حياتك بحلوها ومرها ستحزن حينها لا اعتراضا على قدر المولى فكل ما يأتي به الخالق خير، ولكن خوفا من ألا يجد هذا الملاك الجميل (ذكرا كان أو أنثى) خدمات تناسب قدراته وأناس تفهم احتياجاته، ومجتمع يحترم إنسانيته، ومسؤول يساهم بفكره وإرادته في تطوير قدراته العقلية، واكتشاف وتنمية مواهبه المخفية؛ ليعيش كبقية أقرانه بلا تمييز ولا شفقة ولا عطف!

هادي عبدالله حكمي

في مجتمعاتنا للأسف الشديد؛ عندما يعلم الآخر بأنك أصبحت أبا أو أما لطفل أو لطفلة توحدية؛ ينظرون إليك بشفقة، ويعاملونك كمن يحمل في جسده إعاقة، فيكون الحديث معك مكلّفا، والمشاعر معك مصطنعة، يلهثون خلف قصص معاناتك وتفاصيل تعاملك

وأسباب نجاحاتك وإنجازاتك معه، لا ليقفوا معك أو يجدون ما يخدم طفلك التوحدي؛ وإنما ليرتقوا من خلالها في سلم حياتهم الوظيفي، أو العلمي أو الثقافي أو الاجتماعي؛ لحصد الجوائز وشهادات الشكر والمكافآت المجزية والفلاشات اللامعة، متجاهلين حقيقة ما تعانيه مع جنة البيت والأسرة وخير اليوم والليلة.

نعم ( أطفال التوحد ) خير وجمال بأرواحهم الجميلة وعفويتهم البريئة وإن ظن البعض بأنهم سبب كل حزن وألم، فما لا يعلمه الآخرين ممن لم يعرفوا التوحد كاضطراب أو لم يخلق الله من أصلابهم طفلا من ذوي احتياجات خاصة؛ والله وتالله أكررها مرارا وأعيدها تكرارا بأن في القلب سعادة سببها (لمار)، وفي الوجه بشاشة سرّها ابنتي وجنتي التوحدية، ولكن لتعلموا أيها القراء من المسؤولين والعامة بأن السبب الأوحد الذي أعاق كل فكر عن التفكير، وكل قلب عن الفرحة والرضا والقبول؛ هو سوء الخدمة المقدمة لهؤلاء من فلذات الأكباد، ومن قسوة القرارات وإجحافها في حق التوحديين، فلو وجدت أسر أطفال التوحد خدمات ملائمة لأبنائهم وبناتهم، لما سمع لهم صوت يعتريه حزن، أو نظرة فيها إنكسار، أو مطلب فيه ذل وهوان.
أطفالنا ذوي اضطراب التوحد يكبرون، فتزيد الأحزان في أفئدة أسرهم خوفا على ما سيلاقونه، فلا مراكز تستقبلهم ولا كوادر متخصصة تدربهم، ولنا مثال حي ،فتاة بلغت العشرين من عمرها، فأُخْرِجت باسم النظام من مركزها لتلاقي أسرتها الصدّ من المسؤول لتمسكه بالنظام، متناسيا بأن النظام نفسه أوجد لهؤلاء الشباب والشابات قرارات توجب توفير مراكز مكتملة بكوادرها التعليمية والتدريبية وأدواتها المتطورة وميزانياتها الضخمة؛ إلا أن النظرة اقتصرت على إخراجها واكتفت بظلمها بقسوة في قراراتها.
خاتمة:-
إلى سعادة د عسيري الأحوس مدير تعليم جازان وللأستاذ توفيق علاقي مدير التربية الخاصة (بنين) وللأستاذة غصون صيقل مديرة التربية الخاصة (بنات)؛
اجعلو من حال الشابة ( غاده صفحي )، والتي تعلمون قصتها كاملة، منعطفا للتطور والتقدم في مجال التوحد، من حيث توفير مركز أو فصول داخل مركز بكل ما تحتاجه هذه الفصول من كوادر وتقنيات لتجد التدريب اللازم. فيوم يضيع من عمرها بلا تعليم ولا تدريب كألف يوم في حساب التوحد، وإن أوجدتم لها ما تحتاجه الآن، فقد رسمتم لها ولجميع الأطفال الذين قاربوا على الخروج من مراكزهم مستقبلا آمنا، بمأوىً يحتويهم، ومنبع علم ينهلون منه، فيجدون العلم والتقدم.
ثم أرجو منكم كمسؤولين أؤتمنوا على هذه الفئة – وكلنا فيكم ثقة – بأن تستعجلوا بقرارات تعود عليهم بالنفع، فالأعمار تمر بهم سريعا والخوف كل الخوف ألا تجد (لمار) وزميلاتها غدا أو بعد غد أماكن مهيئة، وفصولا مستحدثة، ومعلمات في عملهن متفانيات!
ثم أرجوكم اقبلوا ما كتبت، فأنا أب وحديثي هذا حديث قلب، نثر كلماته راجيا من الله أن يصل القلوب فتترجمه العقول واقعا ملموسا والسلام.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى