كتاب واصل

سوق العمل والصراع الإداري !

اتجاه وزارة العمل لتوطين الوظائف في القطاع الخاص وفق مدى زمني منظور كانت خطوة جريئة في الاتجاه الصحيح، وقد ترتب على هذا القرار مقاصد عديدة نتج عنها توفير فرص عمل لكثير من العاطلين إما بمجهوداتهم الذاتية، أو للعمل لدى أصحاب المنشآت الأخرى، ناهيك عن القضاء على التستر التجاري الذي كان يمارسه معدومي الضمير وممن ضعف عنده الانتماء للوطن.

وهكذا هي البدايات كجهد بشري متغير، لابد أن يكتنفها بعض الإشكالات، وتظهر بها بعض الملاحظات، فهي كأي قضية أخرى عندما تخضع للمناقشات، وتطرح فيها

محمد أحمد آل مخزوم

المبادرات، وتسن فيها القوانين المنظمة لها، سوف تأخذ وقتاً قد يطول أو يقصر للوصول بها إلى مخرجات ذات جودة عالية تعالج جوانب القصور من خلال ما يظهر في سوق العمل من سلبيات، وإيجاد الحلول للنهوض بها للمستوى المأمول.
وعلى الرغم من أن التطرق لهذه القضية لدينا من المستجدات، فلسنا وحدنا في هذا الكوكب، فقد سبقتنا دول وبدأت من حيث ابتدأنا، وكان الأجدر بنا البدء من حيث انتهى القوم، فالحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق بها، دون أن نعيد عقارب الساعة للوراء، ما يتطلب وقتاً وجهداً مضاعفاً كُنَّا في غِنىً عنه.
لا تزال مشكلات عديدة تواجه القطاع الخاص وتوطين الوظائف منها، البيروقراطية في الاجراءات لفتح المحلات، وخرق بعض المحلات لقرارات التوطين مع غياب الرقابة الجادة، وإغلاق بعضها من قبل أصحابها بهدف اللعب على عامل الوقت، والرصد واستجلاء الموقف للعودة مجدداً لممارسة البيع والشراء وممارسة التستر.
أمَّا أُس وأساس المشكلات في تلك القضية فهو التكتل(اللوبي) بين أصحاب المنشآت(الشركات والمؤسسات) الكبرى من جهة، وبين الإداريين(الوافدين)من جهة أخرى، إذ يُشكِّلون النسبة العظمى من منسوبي تلك القطاعات، وهم بهذا التكتل يدفعون بالمواطن السعودي العامل معهم وتحت إشرافهم إلى ترك العمل والبحث من جديد عن عمل بديل نتيجة سياسة التطفيش وضغط العمل، لكي يخلو لهم العمل مع أبناء جلدتهم في تلك المنشآت.
لا أعتقد أن وزارة العمل والجهات التي لها علاقة بتوطين الوظائف تغفل عن هذا الأمر، كما لا يستقيم ترك وزارة العمل لأصحاب المنشآت أن يمارسوا الاضطهاد لأبناء الوطن تحت حرية التجارة والاستثمار، فللوطنية والانتماء نصيبها من الحقوق على المواطن العامل وصاحب المنشأة دون الاضرار بحقوق الطرفين.
الجهود التي تبذلها وزارة العمل في الوقت الحاضر جهود مشكورة، ولها القدرة على بذل المزيد من الجهد من خلال رفع رسوم تأشيرات العامل الأجنبي إلى أضعاف مضاعفة بما يتواءم مع راتب العامل السعودي المقدر سنوياً (36 ألف ريال) في حال كان الحد الأدنى للراتب 3000 ريال شهرياً، إضافة إلى منع تولي المناصب القيادية (الإداريين) لغير أبناء الوطن في تلك المؤسسات، ما يدفع أصحابها للاستغناء تدريجياً عن العمالة الأجنبية، حتى يأتي ذلك اليوم الذي يتم فيه توطين كافة المنشآت بأبناء الوطن.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى