كتاب واصل

هل التحفيز حقيقة أم وهم؟

“يوماً ما” سوف أقرأ ذلك الكِتاب، ويوماً ما سوف أبدأ برنامج التمارين، ويوماً ما سوف أتحكم في نفقاتي المالية، ويوماً ما سوف أتخلّص من كل الديون ..!
.
فعلاً .. يعيشُ معظم الناس في “جزيرة يوماً ما”
ويقضون جُلّ أوقاتهم هُناك يفكِرون، يحلمون، يتخيلون كل الأشياء التي يريدون القيام بها، وطبعاً في “يوماً ما” ..!

عِندما يلتقي بعضهم ببعض على سطح تلك الجزيرة،
يسأل كل واحدٍ منهم الآخر:
ما الذي جاء بك..؟
ولماذا أنت هنا..؟
والعجيب،
أن معظم إجاباتهم “متشابهه” جداً ،
بل ومتطابقه أحياناً ..
إنهم ببساطة يختلقون ( الأعذار )..!

ابكر سليمان

يجلسون في حلقة، ويتبادلون الأعذار والمبررات،
التي دفعتهم للعيش على هذه الجزيرة..! جزيرة “يوماً ما”
يقول أحدهم :
أنا لم أحظ بطفولةٍ سعيدة،
ويقول الآخر :
وأنا لم أنل قِسطاً كافياً من التعليم،
ويضيف الثالث :
وأنا رئيسي في العمل كثير الإنتقاد..!
ويستمرون في الأعذار حتى يقول أحدهم:
إنّ الإقتصاد العالمي في حالة سيئة..؟!
إنهم قد أصبحوا مصابين بمرض “اختلاق الأعذار” وهو مرضٌ خطير جداً ويعتبر العدو الأول للنجاح وللناجحين.
بهذه المقدمة بدأ براين تريسي كتابه (لا أعذار) والذي يتحدث فيه عن كيفية تحقيق النجاح في جوانب الحياة الرئيسيّة .

أحد أكثر المواضيع التي أحدثت ضجة في منتدى تيدكس.
الخطاب الذي قدمتها سيدة الأعمال والكاتبة الأمريكية لأكثر الكتب مبيعاً ميل روبنز، التي وصل خطابها لأكثر من 10 ملايين مشاهدة، حين أكدت ” بأن أكبر كذبة قد يعيشها الإنسان هو انتظار أن يستيقظ يوماً ما وهو يشعر بالاستعداد والحماس بأن يقوم بشيء عظيم معتمداً على التحفيز “
كون دماغ الإنسان مصمم أن يحميك من التجارب التي قد تبدو مخيفة وخارج منطقة راحتك ، والقرارات الصعبة وغير المريحة يصور لك شكلك وأنت تتجرع مرارة الفشل لا وأنت تتذوق حلاوة النجاح ، إحساسك وأنت تفقد رأس المال ، لا وأنت تجني الأرباح ، خيبتك وارتباكك وأنت تلقي خطابا أمام الجمهور، وليس إحساسك بالفخر وأنت تستمع لهم وهم يصفقون ويهتفون لك ، فعقل الإنسان مصمم أن يحميك كي يبقيك آمنا وبعيدا عن المشكلات والتحديات.

يقول إيريك فروم:( في كتابه فن الوجود)

“من المؤلم أن نتدرب على السلم الموسيقي لساعات طويلة يوميًا ، وأن ندرس مادة غير مهمة ، إنما ضرورية الحصول على المعرفة تُحتِم علينا ذلك ، هذه حقًا الآم صغيرة وبكل اسف يجب أن يكون المرء راغبًا لقبولها بسعادة وبدون غيظ إذا كان يريد أن يتعلم ما هو جوهري”

هناك خاصيتين في طبع البشرعموما يكمن فيهما فهم لغز التسويف :
-الإشباع الفوري (وهي الرغبة في الحصول على عائد فوري للعمل الذي يقوم به ) من السهل على الإنسان ان يعمل الأشياء التي لها عائد فوري وسريع لان هذا يمثل حافزاً للفعل ، وكلما كان العمل خالي من عائد فوري وسريع كلما كانت فرصة تسويف العمل وتأجيله أكبر.
(مثل المذاكرة أو ممارسة الرياضة أو العمل على مشروع لزيادة الدخل ).
-الرغبة في تجنب الألم : الانسان بطبعه يحاول تجنب اَي عمل من الممكن أن يسبب له أي نوع من الألم ، سواء كان الاجهاد الذهني او المرور بمشاعر الملل أوالخوف أو الفشل والإجهاد البدني الناتج عن ممارسة الرياضة .
نحن لا نقلل من أهمية الحافز ولكن ان يصبح هو المحرك الوحيد هنا تكمن الخطورة .
فالتحفيز شعورعاطفي وفي معظم الأحيان يكون لحظي ، والعاطفة البشرية متقلبة بطبعها ، فكيف نعتمد على شيء غير ثابت!؟

ان الفشل الذي يقع فيه كثير من الناس ليس سببه أنهم لا يتمتعون بذكاءٍ عالٍ أو يفتقرون الى الموهبة ! بل لأنهم منهمكين في تأجيل الأمور التي كان من المفترض إنجازها حين كانت ما تازل صغيرة .
ان تقوم بكل الأشياء الغير مهمة ، وتهمل ما هو أهم ! هذا هو التسويف.

في كتابه ” العمل العميق Deep Work” يقول الدكتور كال نيوبورت أن العمل العميق هو “القدرة على التركيز بلا أدنى تشتيت للانتباه”
يثبت الدكتور كال ومن خلال الكثير من الدراسات والأبحاث أن المستقبل المشرق في الاقتصاد المعرفي سيكون فقط لأولئك الذين يستطيعون إتقان مهارات صعبة ولأولئك القادرين على الانتاج بالسرعة والجودة العاليتين. ولكي نكون من ضمن هؤلاء لايوجد أمامنا سوى امتلاك مهارة ” العمل بعمق”.
فإن كنت تريد التطوير والإنجاز بشكل أكبر في مجالك وأن تزيد من قيمة شأنك وأن يكون لحياتك معنى أكبر وتضيف قيمة في الحياة فلابد لك أن تكتسب مهارة العمل العميق .

سواءً كنت تحب عملك أو لا تحبه ! واجبك أن تعمل بجد .
سواءً كنت تحب الصلاة أو لا ! واجبك أن تصلي.
سواءً كنت تحب دراستك أو لا ! واجبك ان تدرس بجد.
فحين نأتي الى احدى المبادئ المهمة للنجاح نقول: “أن تفعل ما يجب عليك فعله، وقتما يتحتم عليك فعله ، سواءً كنت تحب هذا الفعل أو كنت لا تحبه ، فما دمت في نهاية الامر ستقوم بالمهمة فقم بها على أكمل وجه من البداية “

اذا لم يجيئ الحافز ، ما رأيك ان تذهب إليه بنفسك ؟

– كيف نكتسب مهارة العمل العميق ونتغلب على
التسويف؟

•قسِّم المهام من حيث الأهمية و اكتب اهم خمسة مهام مطلوبة منك خلال اليوم.
• حدد الوقت الذي تكون فيه في ذروة نشاطك لتركز هذا النشاط الى المهام الكبيرة التي تتطلب تركيزاً عالياً ، ثم بعد ذلك قم بإنجاز المهام التي لا تأخذ منك اكثر من ٥ دقائق.
•اختر مهمة واحدة واعمل عليها -مدة عشرين
دقيقة دون إنقطاع.
• ابدأ بالأمور المهمة وليست السهلة المحببة إليك.
•فوض ، فوض ، فوض لا تنشغل بالاشياء التي يمكنك تفويض غيرك للقيام بها ، وفِي الإنجاز يقولون (المدير الناجح يجيد التفويض).
•لا تجري وراء كل ما يلمع ، ركز ، ركز ، ركز (فليس كل ما يلمع ذهبا).
•قاعدة (الثلاث ثواني) هذا الحيلة لقطع الطريق على التسويف قم بالعد (٣- ٢ -١ ) وتحرك فوراً للفعل بهذا الأسلوب لن تسمح للعقل بإختلاق المزيد من الأعذار.
•احذف حساباتك غير النشطة من أي شبكة اجتماعية (فالأخبار المهمة ستصلك على أية حال)

•ثم ماذا ؟
“اعتمد على الحافز وسوف تتوقف بعد مدة ، اعتمد على الإرادة وسوف تستمر وتنجز {لِمَن شَاءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ}.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى