كتاب واصل

يوم الوطن والدولة المجيدة

يصادف يوم الأحد الثالث عشر من محرم 1440 للهجرة، ذكرى تأسيس المملكة العربية السعودية في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر 1932 للميلاد، وفي هذا اليوم يحتفل المجتمع السعودي بالعيد الثامن والثمانين لتوحيد وتأسيس بلادنا الغالية, المملكة العربية السعودية.

منصور ماجد الذيابي

يستطيع جميع الناس التعرف على هذه المناسبة الوطنية من خلال انتشار اللون الأخضر في جميع أرجاء المملكة, وظهور الرسومات الوطنية المعبرة عن عمق الانتماء للوطن وقوة التلاحم بين القيادة والشعب السعودي الأبي. فمنذ عهد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه، ومنذ أن تولى من بعده أبناؤه الملوك مقاليد الحكم في البلاد، والمملكة العربية السعودية لا تزال بفضل الله متمسكة بالمنهج الالهي الذي أراد الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصين أن يمثل القاعدة الراسخة لتوحيد أجزاء البلاد وجمع شتات الأمة تحت مظلة التوحيد “لا اله الا الله محمد رسول الله”, اذ يعلم الجميع أن لا تقدم ولا حضارة الا بالمحافظة على مبادئ الإسلام والالتزام بقيمه السمحة, مما يؤكد النهج الذي سارت عليه المملكة العربية السعودية قيادة وحكومة وشعبا منذ نشأتها وحتى يومنا هذا.
وبذلك أصبحت العقيدة الإسلامية منهجا للدولة الوليدة وتشريعا للنظام في كافة نواحي الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية وغيرها.
وعلى هذه القاعدة الصلبة الراسخة أرسى الملك عبدالعزيز ورجاله الأبطال أركان الدولة السعودية المجيدة بعد أن تهيأت لهم بفضل الله عناصر قيام الدولة ممثلة في الشعب والإقليم والقائد، ومن هنا التف الناس حول هذا الرمز المؤسس لكيان دولي جديد متحد ومعتصم بحبل الله سبحانه وتعالى.
وخلال سنوات الكفاح كان الملك عبدالعزيز ورجاله المخلصون قد عقدوا العزم على تأسيس كيان وطني على أرض الآباء والأجداد، فانطلقت الخيول العربية الأصيلة، واستلّت السيوف، وارتفعت راية التوحيد وكبّر المكبرون من خلف القائد الفذ المحنك الملك عبدالعزيز، فتفجرت من تحت أقدامهم الأرض بخيراتها وأرزاقها، وعم الأمن والاستقرار ربوع الجزيرة العربية, وتم الإعلان عن اسم الدولة الوليدة المملكة العربية السعودية.
وقد بدأت منذ ذلك اليوم المجيد عملية التنمية والنماء لترسم للأجيال السعودية مستقبلا مشرقا وحياة هانئة بإذن الله تعالى. وخلال هذه الحقبة الزمنية المباركة تم رسم الخطط الاستراتيجية للتنمية فأنشأت المدارس والمعاهد والجامعات لتوفير فرص التعليم لأبناء المملكة, وأنشأت كذلك المصانع والمستشفيات والمراكز الطبية في القرى والمحافظات حيث تم ربط جميع القرى بالمدن الرئيسية من خلال بناء شبكة كبيرة من الطرق والجسور. وما أن رأى جيل الشباب السابق حجم المنجزات واستتباب الأمن في وطنهم حتى سارعوا للمبادرة والمشاركة في نهضة بلادهم والوصول بها إلى مصاف الدول المتقدمة.
وعلى العكس من واقع الحال في كثير من دول العالم، ينتاب الزائر للمملكة شعور بالسعادة والسرور نتيجة للرضا والإعجاب والانبهار لما يشاهده الزائر لهذه الدولة من معالم حضارية وخدمات متقدمة ونهضة عمرانية تخطف الأبصار وتبهر العقول. وليست الأبراج المشيدة هي وحدها من تعانق السحاب، بل إن طموحات وإرادة الرجال الأوفياء المخلصين لوطنهم تعانق كذلك هامات السحب مما جعل المملكة تصل إلى مصاف الدول المتقدمة وتتجاوز هذا المدى في مجالات كثيرة، الأمر الذي ساهم في أن تكون وجهة للسياح والزائرين بعد أن أصبحت مناخاً اقتصادياً جاذبا للعديد من الشركات والمصانع وكذلك المنظمات والمهرجانات المختلفة.
ومما لا شك فيه أن المؤسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- قد وضع الأساس المتين بعد توحيد البلاد، وخلق البيئة الملائمة لانطلاق الثورة التنموية الكبرى التي أكمل مسيرتها من بعده أبناؤه، ليجني الشعب ثمار هذه النهضة في الوقت الحاضر. وما منطقة الرياض التي حمل لواء نهضتها وتطورها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز إلا مثال حي على هذه القفزة الاقتصادية والنقلة الحضارية حتى باتت الرياض كوكباً مشعاً في الفضاء العالمي.
في أجواء المملكة ينتاب الزائر شعورا بالسعادة والرضا عندما يلاحظ المسافرون روعة التخطيط الحضري في مشهد متكامل لدولة عصرية في غاية الجمال والصفاء والنقاء. كيف لا وهي الدولة الوحيدة التي يقصدها أكثر من مليوني حاج ومعتمر سنوياً لزيارة الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة. وكيف لا وهي مهبط الوحي ومنطلق الرسالة المحمدية، وكيف لا وهي مهد الحضارات العربية في الجزيرة العربية مثل حضارة قوم عاد الذين سكنوا منطقة الأحقاف جنوب الربع الخالي، وحضارة مدين، وحضارة قوم ثمود في شمال الجزيرة العربية بوادي القرى حيث توجد آثارهم في مدينة العلا بين المدينة المنورة وتبوك، وقد تميزوا بنحت بيوتهم في الجبال. وقد أولت هيئة السياحة والآثار في المملكة أهمية قصوى للبحث الأكاديمي في مجال الآثار السعودية والاهتمام بها وتشجيع السياحة إليها والتعريف بها.

وربما يكون من أسرار إحساس الزائر للمملكة بدرجة رضا عالية أنه يجد كافة الخدمات المتعلقة بالسياحة متاحة ومتوفرة بأسعار رمزية غير مرتفعة إلى الحد الذي اعتاد عليه الكثير من السياح خلال زياراتهم للدول الأخرى، لاسيما وأن المملكة تتفوق سياحياً وأمنياً على كثير من هذه الدول، حيث توجد الفنادق الفخمة والمجمعات التجارية والسواحل البحرية الطويلة التي تتوفر فيها جميع مقومات السياحة الترفيهية في أجواء من الأمن والطمأنينة وكرم الضيافة السعودية.
ولذلك فإن اليوم الوطني إنما يمثل بالنسبة لنا يوم الالتفاف حول القائد المؤسس لكيان سياسي واجتماعي واقتصادي ليرسم لمجتمعه وطنا في خارطة المجتمع الدولي، وليرفع فيه العلم الأخضر خفاقا في أرجاء الوطن وفي كل المحافل والمنظمات الدولية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى