كتاب واصل

طِفْلُ الطَّائِفِ اِبْنُ الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ يَمُوتُ. وَالطَّبِيبُ يَتَجَهَّزُ لِلهُرُوبِ… وَالصِّحَّةُ تَنْتَظِرُ الضَّحَايَا. وَلَا مُجِيبٌ!!!

عبدالله الحارثي

فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لَا تَكَادُ جُرُوحِنَا تَلْتَئِمُ حَتَّى يُخْرِجُ لِنَّا جُثَّةً مِنْ مُسْتَشْفَيَاتٍ فِي مَدِينَتِي بِسَبَبِ طَبِيبٍ يَفْتَقِدُ الضَّمِيرُ, وَمَسْؤُولٌ يَنْتَظِرُ المَزِيدَ وَالمَزِيدَ..

لَقَدْ أُعْطِي وَبَذَلَ ولاة الأَمْرَ حَفِظَهُمْ اللهُ, وَجَهَّزُواالمُسْتَشْفَيَاتِ, وَصَرَّفُوا المِلْيَارَاتِ حِرْصًا عَلَى حَيَاةِ كُلِّ مَرِيضٍ مِنْ أَبْنَاءٍ وَبَنَاتِ هَذَا الوَطَنِ الغَالِي, وَلَكِنَّ الخَلَلُ فَيُمَنٍ فَقَدْ ضَمِيرَهُ, وَخَلَّى قَلْبَهُ مِنْ الرَّحْمَةِ..

نَعَمْ تَجْتَمِعُ اللِّجَانُ بَعْدَ القَضَاءِ عَلَى المَرِيضِ, وَمِنْ بَيْنَهَا زُمَلَاءُ الطَّبِيبِ الجَانِي, وَمَا بَيْنَ أَرْوِقَةِ المُسْتَشْفَى يَخْرُجُ التَّقْرِيرَ “عَمَلِنَا المُسْتَطَاعُ وَهَذَا قَضَاءٌ وَقَدْرٌ وَهَذَا يَوْمُهِ المَكْتُوبُ”..

أَحِبَّتُي; هَلْ يَعْقِلُ أَنْ نَرَى كُلَّ يَوْمٍ فَاجِعَةٍ لَامَ فِي فَقَدْ وَلَدَهَا, أَوْ زَوْجٌ فِي فَقَدْ زَوَّجَتْهُ, وَلَا نَجِدُ مَنْ يَأْخُذُ عَلَى أَيْدِي أُولَئِكَ المُعْتَدِينَ وَمُحَاسِبَتِهِمْ?!.

هَلْ سَنَرَى فِي قَادِمَ الأَيَّامَ مِنْ يَقُولُ كَلِمَةَ الحَقِّ, وَيُطَالِبُ بِحَقِّ كُلٍّ مِنْ مَات بِخَطَأٍ طِبِّيٍّ بِسَببِ بَعْضِ الأَطِبَّاءِ مَعْدُومِي الضَّمِيرِ, وَالذينَ لَا يُوجَدُ فِي قُلُوبِهِمْ رَحْمَةٍ?.

مِنْ الثبيتي إِلَى العُمَرِي إِلَى المَالِكِي أَخِيرًا ذَلِكَ الطِّفْلُ الصَّغِيرُ اِبْنُ الثَّلَاثَةِ أَشْهُرٌ, وَالَّذِي وَلَدَ بِعَيْبٍ خِلْقِيٍّ مُنْذُ وِلَادَتِهِ قَبْلَ شَهْرَيْنِ فِي الأَمْعَاءِ, وَبِدُونِ مَخْرَجٍ شَرَجِيٌّ اِسْتَوْجَبَ إِخْضَاعَهُ لِعَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ فِي حِينِهُ..

http://wasel-news.com/?p=105023

قَدْ كَانَ الطِّفْلُ البَرِيءُ عَلَى مَوْعِدٍ لِعَمَلِيَّةِ استكمالية أُخْرَى قَبْلَ عِدَّةِ أَيَّامٍ, وَبَعْدَ أَنْ حُقْنَ بِثَلَاثَةِ بَرَاوِيزَ مِنْ أَشِعَّةِ الصِّبْغَةِ, وَالَّتِي اِنْتَشَرَتْ بِدَاخِلِ جِسْمِهِ الصَّغِيرُ المُنْهِكُ, وَلَمْ تُمْهِلْهُ طَوِيلًا وَمَات مَقْتُولَا ضَحِيَّةٌ خَطَا طِبِّي, وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ أَلَا بِاللهِ..

نَعَمْ أَحِبَّتُي لَقَدْ تَدَهْوَرَتْ حَالَةُ الصَّغِيرِ الصِّحِّيَّةُ وَأَدْخُلُ العِنَايَةَ المُرَكَّزَةُ بَعْدَ أَنْ تَمَّ حُقْنَةٌ بِتِلْكَ الإِبَرِ, وَالطَّبِيبِ يَرَى وَالجَمِيعُ يُشَاهِدُ, وَالكُلُّ يَعْلَمُ وَالمَأْسَاةُ تَتَكَرَّرُ, وَالصِّحَّةُ فِي كُلِّ قَضِيَّةٍ تُعِيدُ المِلَفَّ إِلَى القَضَاءِ وَالقَدْرِ..

وَيَبْقَى الطَّبِيبُ حَامِلًا بِيَدِهِ المُلَطَّخَةِ بِالدِّمَاءِ بِرْوَازَا آخَرَ, وَيَأْخُذُ جَوْلَةً عَلَى المَرْضَى, لِيُكْمِلَ مِشْوَارَهُ فِي إِنْهَاءِ البَقِيَّةِ بِلَا رَحْمَةٍ وَلَا شَفَقَةً, وَعَلَى مَرْآي وَمَسْمَعٌ مِنْ مَسْؤُولٍ مَيِّتٌ الضَّمِيرِ..

إِلَى مَتَى يَا وِزَارَةُ الصِّحَّةِ هَذِهِ الأَخْطَاءُ القَاتِلَةُ?!.

مَتَى يَصْحُو ضَمِيرُ مَسْؤُولِ الشُّؤُونِ الصِّحِّيَّةِ فِي مَدِينَتِي الَّتِي نَرَى وَنَسْمَعُ فِيهَا مَا بَيْنَ فَيْنَةٍ وَأُخْرَى ضَحِيَّةٍ جَدِيدَةٍ?!.

هَلْ يَعْقِلُ أَنْ يَتِمَّ تَكْوِينُ لَجْنَةٍ مِنْ زُمَلَاءِ الطَّبِيبِ الجَانِي لِيُقَرِّرُوا مَا يَرَاهُ زَمِيلُهُمْ, وَإِبْعَادُ التُّهْمَةِ عَنْهُ?!.

هَلْ سَيَنْتَهِي بِنَا المَطَافُ إِلَى بِنَاءِ مَقَابِرَ بِجِوَارِ المُسْتَشْفَيَاتِ حَتَّى نَكُونُ قَرِيبَيْنِ مِنْ الحَدَّادِ وَالجَزَّارِ, ليتم  نَقْلِنَا إِلَى المَقَابِرِ الَّتِي وَضَعَتْ لِنَّا بِجِوَارِهِمْ?!.

مَات المَالِكِي اِبْنُ الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٌ وَقُبْلَةُ العُمَرِي والثبيتي وَغَيْرَهِمْ كَثِيرٌ وَالقَائِمَةُ تُطَوِّلُ, فَهَلْ نَرَى مِنْكُمْ يَا وِزَارَةُ الصِّحَّةِ رَجُلُ رَشِيدَ وَصَاحِبُ ضَمِيرٍ يُظْهِرُ الحَقِيقَةَ وَيَكْشِفُ الغِطَاءَ وَيُبَيِّنُ الخَلَلَ وَيُعَالِجُ الخَطَأَ?!

أَيُّهَا الأَبَ وَأَيَّتُهَا الأُمُّ المَكْلُومِينَ فِي وَفَاةِ طِفْلِكُمْ الصَّغِيرِ اِنْتَظَرُوا أَنَّي مَعَكُمْ مِنْ المُنْتَظِرِينَ..

وَاللهِ مَعَكُمْ وَأَبْوَابُ ولاة الأَمْرُ مَفْتُوحَةٌ وَطَالِبُوا بِحُقُوقِكُمْ وَالَّتِي بِأُذْنِ اللهِ سَتَنَالُونَهَا عِنْدَ وُصُولِهَا لِهُمْ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى