مساحة حرة

أحلامنا المدفونة

بقلم : عفاف الثقفي

لست شخصية فذة لأُلخص تجربتي..ولا أملك حتى دورات مختلفة تؤهلني لأصف نفسي بالمرأة الناجحة..
لكني أعترف بأني توقفت يوما لأسأل نفسي..
ماذا قدمت؟ ماذا كسبت؟ ماذا تعلمت؟ ماذا استفدت؟ ماذا خسرت؟ ماذا أنجزت؟ وماذا لو عاد بي الزمن للوراء سأفعل لأتجنب الكثير من الأسباب التي أعاقتني ولم تسمح لي بأن أحقق أعظم أحلامي؟؟
أنا لاأستطيع أن أعيد أيام عمري من جديد لكني أستطيع أن أُلخّص تجربتي وأستفيد منها في القادم من عمري.
تمنيت كثيراً لو كنت إعلامية متميزة..أو كاتبةً أملك مساحة دائمة من صحيفة..
تمنيت أن أكون أُمّاً ناجحةً عظيمة ملهمةً ثقافياً وفكرياً لأبناء مرموقين في مناصب مهمة..
تمنيت أن أكون إمرأةً مؤثرةً في نفسي..في بيتي..في عملي..في محيطي..وفي مجتمعي..
لكنّي ركنت أحلامي سنيناً طويلة..إكتفيتُ بأن أسير هكذا وحدي دون أحلامي التي عشقتها وتخيلت تحقيقها كل ليلة قبل المنام..
كم كان المسير صعباً مؤلماً وأنا أبتعد عن حلماً أحببتهُ فقط لأنّي أخشى المواجهة والإعتراف بأني أنثى رغم ثقافة العيب المسيطرة على عالمها إلا ّ أنها تعشق القلم وتعشق البوح..
قيدتني تلك العادات التي لم ترحم شغفي بالإعلام..سلبني الخوف من المجتمع لذة تحقيق أحلامي..
أن تكتب المرأة حرفاً في نظرهم..كان بمثابة أن تخلع تلك المرأة رداءً..وأن تُلقي بحياءها جانباً..وتمضي في طريقٍ كلّه سفور وتحرّر واختلاط.
لم يدرك هذا المجتمع..أنّ القلم قد يكون الشاهد لينقل أفكاره ورسائله ومواده وقضاياه..
لم يدركوا أنّ قلم الأُنثى لم يكن عاراً في الإسلام ولن يكون.
لم يدركوا..أنّ القلم الهادف لايمكن أن يوئد وهو حي مهما حاولوا ذلك ومصيره وإن نام قليلا أن يستيقظ ليكتب ويكتب ولن يجف حبره وإن طالت السنين.
لم يُدركوا..أنّ الجاهل هو من يظن أن المرأة حين تكتب قد تخلت عن أُنوثتها وتعدّت على ملكٍ وحقٍ من حقوق الرجال..
فمن ظنّ أنّ المرأة مازال مكانها البيت وعليها أن تلتزم الصمت فقد كان بنظر المثقفين والعقلاء هو الجاهل الذي لم تُنير الثقافة جزءاً مهماً من عقله..وأنّه مازال ينظر للمرأة نظرة دونيّة مع أنّهُ فعلياً أحق بالإزدراء..
أنا لاأُلقي باللوم على تقاليدنا التي نفتخر بها..
بل ألوم كل إمرأةٍ مازالت تخشى الصمود لتحقيق احلامها التي لاتُغضب الله ولارسوله ولاتمسّ الدين بسوء
ألومُ من تكتفي من الحياة بالصمت وتعيش لتكون الجسر الذي يعبر به من حولها نحو النجاة فتُغرق بذلك نفسها وتنسى كيف تمارس حقها في الحياة
ألوم من لاتبالي بالإستمتاع لحظة بلذة تحقيق الحلم وروعة رسم ملامح الذات
ألوم من يقف حجر عثرة في طريق كائن لم يتنفس..لم يفرح..لم يتمنى..لم يشعر بجمال الحياة..
لأنه دفن حلمه…ليرضي مجتمعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى