كتاب واصل

مسابقة نزاهة لمكافحة الفساد!

يبدو أن هيئة مكافحة الفساد “نزاهة” قد اضطلعت مؤخراً بمهام عديدة وصلاحيات واسعة جعلها تسعى سعياً حثيثاً لبلوغ أهدافها التي أُنشأت من أجلها، وهذا ما اتضح جلياً في إعلانها عن إقامة مسابقة في ثلاثة مباحث تستهدف بها الطلاب والطالبات إيماناً منها بأهمية الدور الذي يمكن للمؤسسات التعليمية أن تؤديه عند إتاحة الفرصة لها في هذا المجال.

    محمد أحمد آل مخزوم

هذه الخطوة وإن جاءت متأخرة إلا أنها ربما قد تكون حلقة ضمن سلسلة من الحلقات والدوائر الأخرى التي ينبغي عليها الاضطلاع بمسؤولياتها في هذا الشأن، ما يدعو للتساؤل حول إمكانية إجراء مسابقات أخرى يُستهدف بها كافة أفراد المجتمع! سيما وأنه بات يمتلك الوعي الكافي للحديث بوضوح حول هذه القضية.

الحديث عن الفساد حديث متشعب يمكن أن تؤلف فيه المجلدات، وتتحدث عنه الصحف والمجلات، فالفساد له أوجه عديدة لا تقتصر على الفساد المالي والإداري فحسب، بل يتعدى هذا ليشمل “الفرد – الأسرة – المجتمع”.

لا ينمو الفساد في بيئة صالحة كونه دخيل عليها، فمتى أضحى لدينا قناعة بمحاربته واستئصال شأفته، فليس هذا غريباً على مجتمعنا الإسلامي الذي استنار بقيم الإسلام وهديه، فالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة اشتملت على كثير من نصوص الوحي التي تنهى عن الفساد في الأرض بكافة أشكاله وصوره.

وباعتبار مكافحة الفساد – نزاهة – جهة رقابية كغيرها من الجهات الأخرى، ولمنع تداخل الصلاحيات ولتحقيق الرؤية، فإن دمج تلك الجهات في منظومة واحدة من شأنه أن يوحد الجهود ويقضي على الفوضى، وأقصد “هيئة نزاهة – هيئة الرقابة والتحقيق – ديوان المراقبة العامة – المحاكم الإدارية – هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” لتكون تحت مسمى واحد هو “وزارة الحسبة” ومنحها صلاحيات أخرى سواءً في “الرقابة والتحقيق والقبض وإصدار الأحكام والتنفيذ” بعد أن يكون لها جهازها التشريعي والتنفيذي المستقل “الشرطة – المحكمة” ليكون دورها الرقابي أوسع ليشمل كل المكافحات” مكافحة الفساد المالي والإداري – مكافحة التسول – مكافحة الغش التجاري – مكافحة الغش في الاختبارات – مكافحة التحرش – مكافحة الاخلال بالآداب والنظام العام – مكافحة السحر والشعوذة، الخ.

إن تعزيز مبدأ الشفافية في المجتمع في ضوء “من أين لك هذا؟” ومحاربة الأمراض التي فتكت به “الواسطة والمحسوبية” وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص “العدالة الاجتماعية” من شأنه أن يجعل كافة أفراد المجتمع على قدر المساواة في الحقوق والواجبات ليعيشوا أسوياء كما خلقهم الله على الفطرة الربانية السماوية ” لا تبديل لخلق الله”.

لا تتقدم الأوطان حتى يسود النظام العام، وتتحقق فيه العدالة الاجتماعية الناجزة، وتمنح الفرصة للمجتهد، وتطبق فيه كافة القوانين الحاكمة للمجتمع بدءاً من كف اليد عن العمل في الفساد الإداري وانتهاءً بقطع اليد عن الساعد في الفساد المالي.        

ختاماً: لسنا وحدنا في هذا الكوكب، وقد قضى الله بسنة التدافع في الأرض وظهور الخير والشر، لكننا يمكن أن نكون الأفضل والأقل فساداً بين أمم الأرض قاطبة، فلدينا الإمكانات المادية والموروث الثقافي والديني والمقدسات الإسلامية والقيم الأخلاقية والشريعة الربانية التي لو أخذنا بها لكنا القدوة للأمم الأخرى من حولنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى