رجل دولة ام دولة في رجل
جاءنا الخبر كالصاعقة بدون مقدمات , تمنيت نفيه وأنه اشاعة كسابق عمل اعداء الامة لكنه القدر نافذ لا محالة , بقلوب مؤمنة تلقينا خبر وفاة صاحب السمو الملكي الامير سعود الفيصل رحمه الله واسكنه فسيح جناته, إن لله ما أخذ ولله ما اعطى وكل شئ عنده بقدر ولا نقول الا ما يرضي ربنا إنا لله وإنا اليه راجعون.
احسن الله عزائك يا امة الاسلام في بطل ورجل دولة طوبى له نذر نفسه لخدمة دينه ثم مليكه ووطنه , انه وزير الخارجية الاسبق للمملكة العربية السعودية مهبط الوحي ومنبع الرسالة .
لم يكن رجل دولة فحسب بل دولة في رجل , سيكتب التاريخ اسمه بماء الذهب , اقواله وأفعاله شاهدة على ذلك .
ايها الراحل لم تختر اسمك ولم تختر ليلة وفاتك فالله وحده من قدر ذلك فأكرمك لصدق وحسن ما قدمت , ها هي منيتك في العشر الاواخر من رمضان وفي ليلة وتر وليلة جمعة ولا نزكي احدا على الله , رحمك الله وأسكنك فسيح الجنان.
مهندس العلاقات السعودية ورجل المهمات الصعبة … دبلوماسي فريد مواقفه تتحدث عنه محفورة في الذاكرة , القضايا الوطنية والعربية والاسلامية , بل كانت في وجدان الامير الراحل .
لا يهمه الا كلمة الحق ونصرت المظلوم وإقامة العدل ونشر السلام , جسد سياسة المملكة العربية السعودية بكل براعة في مواقف كثيرة , تعجز الحروف في جوف المعاني أن تفصلها وان تجملها , فمنها موقف “فضح البرنامج النووي الاسرائيلي امام الامم المتحدة” , و “رفض الدخول في حرب ضد العراق” متحديا الاعداء والإرادة الامريكية .
لقد اتصف الامير الراحل بصفات وزير خارجية نادر وفريد , حيث ان من يتقلد منصب وزير الخارجية يتصف احيانا بالمجاملة والموارية في المواقف احيانا اخرى , لكنه اختار خطاً دبلوماسيا مختلف ومميز ’ يقوم على الصراحة وتجسيد حكمة قيادة دولته , واصفا مصالحها ومصالح أمته العربية والاسلامية فوق كل اعتبار.
كيف لا وهو ابن الملك فيصل بن عبدالعزيز – رحمه الله – , ولد الامير الراحل في مدينة الطائف عام 1358هـ , الموافق 1940م, حاصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة برنستون بولاية نيوجيرسي بالولايات المتحدة الامريكية عام 1964م.
انه فارس الدبلوماسية السعودية والعربية , فمن اقواله رحمه الله التي لا تنسى :
– في قضية الشعب السوري “إن هذا الوضع لا يمكن أن يستمر ولا نقبل بأي حال من الاحوال أن نكون شهود زور، أن يستخدمنا أحد لتبرير الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري الشقيق، ولهذا فإن بلادي ستسحب مراقبيها لعدم تنفيذ الحكومة السورية لأي من عناصر خطة الحل العربي التي تهدف أساساً إلى حق الدماء الغالية علينا جميعاً”، من كلمة سموه أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة في الثاني والعشرين من يناير 2012م.
– “أما عن النظرية التي تتهم الأصابع الخارجية في التدخل فيها فأي إصبع سيمتد للمملكة سنقطعه”… تصريحه في مؤتمر صحفي بمقر فرع وزارة الخارجية بجدة في التاسع من مارس 2011م.
– “إننا كعرب مسالمين نبحث عن السلام لكنكم تماطلون وتسفهون مطالب السلام لذلك إن تم ذلك مرة أخرى سنقوم بإدارة ظهورنا لكل قراراتكم والبحث عن خيارات أخرى”، من كملته أمام اجتماع مجلس الأمن الدولي المنعقد في التاسع من يناير 2009، بشأن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة حينها.
– ” المصارحة مهمة مهما كانت جارحة”، كلمته أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب الطارئ في القاهرة في الخامس عشر من يوليو 2006م.
وحضي الامير الراحل بتقدير واحترام جميع الدبلوماسيين والسياسيين حول العالم , فحنكته وثقافته الواسعة ومواقفه الشجاعة حازت على إعجاب رؤساء ومسؤلي العالم , واشادو به في مواقف عديدة حيث قالو فيه:
– سعود الفيصل يعادل اللوبي اليهودي، بل إنه وحده يعتبر «لوبي» سعودياً». كولن باول- وزير الخارجية والدفاع الأميركي الأسبق
– سعود الفيصل لا يأبه بأن يفقد وجاهته أو علاقته كما هم الكثيرون. يحب الحق والوضوح». ديفيد ميلباند- وزير الخارجية البريطاني الأسبق
– لو كان لدي رجل كسعود الفيصل، ما تفكك الاتحاد السوفييتي وانتهى». ميخائيل غورباتشوف- آخر رؤساء الاتحاد السوفييتي
– الأمير سعود الفيصل أكبر الساسة حنكة وحكمة في العالم». برنار كوشنير- وزير الخارجية الفرنسي الأسبق.
كل ذلك وأكثر قيل في الامير الراحل ولم يأتي ذلك من فراغ بل يعود ذلك إلى افعاله المنقطعة النظير , ولتفانيه في عمله وكثرة اطلاعه وقراءته فهو يتق ست لغات الى اللغة العربية.
اللهم اغفر لعبدك الامير سعود الفيصل وتجاوز عنه وثبته عند السؤال بالقول الثابت وادخله فسيح جناتك.
احسن الله عزاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود , والأسرة الحاكمة , والشعب السعودي والأمتين العربية والإسلامية.
