كتاب واصل

شعر ومشاعر

كتبه : دلال راضي

كان الشعر وما يزال ديوان العرب به يتفاخرون ويمدحون ويهجون ويرثون ويوصفون ويسجلون وقائعهم وأحداث زمانهم وحزنهم وفرحهم ويبثون شجون عشقهم ولوعات غربتهم وآهات فراقهم للديار والأحباب وغيرها من الجوانب التي تطرق إليها الشعر العربي منذ القدم

الشعر فن لغوي يعتمد على قواعد لا يتقنها إلا قلة من الناس في كل مجتمع، لذلك نجد الأمم والشعوب يخلدون شعراءهم ويفتخرون بهم

الشعر كما عرفه ابن خلدون “كلام بليغ مبني على الاستعارة والأوصاف، مفصل بأجزاء متفقة في الوزن والروي، مستقل كل جزء منها في غرضه ومقصده عما قبله وبعده، الجاري على أساليب العرب المخصوصة به”

ومن هنا نستنتج أن ما يميز الشعر عن غيره من الكلام أنه كلام موزون ضمن قواعد عروضية متعارفة تعطي القصيدة الموسيقى الخاصة بها، كما أنه يجب أن تكون للقصيدة العمودية قافية موحدة في كل الأبيات

ربما كل ما سبق يتناول بناء الشعر ومظهره ولا يتطرق لروح الشعر، فالشعر في حقيقته فكرة تصاغ بطريقة عاطفية، بحيث يتم توظيف اللغة توظيفا دقيقا لإيضاح الفكرة المطلوبة في قالب موسيقي عاطفي مؤثر يقرع القلوب ويهز الأسماع ويعطي تأثيرا مختلفا كليا عن الكلام العادي، فالشاعر يوظف مهارته اللغوية وسعة خياله في إبراز الصور الفنية الشعرية، بحيث تصل هذه الصور بوضوح إلى ذهن القارئ فيرى من خلالها ما تم رسمه في خيال الشاعر ويستهلم منها فكرة القصيدة، ومن ثم تلامس هذه الصور الفنية الشعرية وجدان المتلقي فتثير عواطفه وتأجج مشاعره وتجعله يتفاعل مع القصيدة، وينسجم معها وقد يصل تماهيه معها إلى رؤيتها معبرة عنه بالدرجة الأولى.

من هذا المنطلق أعتقد أن الشعر الحقيقي هو ما لامس وجدان المتلقي وما خالج مشاعره وكان له أثره وتأثيره عليه، أما أن نجد قصائد متينة البناء وقوية اللغة لكنها خالية من العاطفة ولا يفهمها القارئ العادي المتذوق للشعر فما الجدوى منها، وكيف سيؤدي الشعر رسالته، وكيف سيكون لسان الأمة والمعبر عن آمال الناس وآلامهم وتطلعاتهم.

دلال راضي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى