مساحة حرة

دعوة مفتوحه للبكاء

كتبة : فوز محمد

في مطلع القصيدة العربية يدعونا الشاعر امرؤ القيس لمشاركته البكاء على طلل الأحبه الراحلين فيقول:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزلٍ، وكأن الوقوف على بقايا الراحلين أمر هين أو خطب يسير ،إنه الوقوف الصعب الذي تظل بعده متعباً وإن استرحت ،ضائعاً وإن وجدت دليلك ، مستمراً في رحلة التيه دون الوصول إلى مستقر يجمعك .

هذه الدعوه المفتوحه للبكاء لابد أن تُجاب فلا أحد يستهين بألم الشاعر ويسخر من جرحه الذي يحاول مليئاً أن يضمده بالحرف،بالكلمة ، بالشعر شطراً وبيتاً بل بقصيدة كاملة تخرس الوجع .

عزيز هو المكان على الشعراء في قصايدهم انه بمثابه الدم والروح ،لذا يجب أن لايموت بعد أصحابه ،المكان يجب أن يحظى بالأبديه على الأقل في الذاكرة .

قفا نبك ..
ينادي من امرؤ القيس؟
ومن يجيبه ليحتفل معه في عرس هذا الدمع الكثيف ؟

من سينزف من العين دمعةسخيه على الطلل والرفات البالي؟

ربما تكون دمعة واحدة كبيرة وثائرة كبحر كفيلة بأن تنوب عن من تخلف عن تلك البكائية الشهيرة لتسقط واجب البكاء عنا ،ربما تنوب دمعة عن دمعات ،ووقفات،وعمر كامل من الأسى .

بتاتاً لا أدري متى تطفأ أنوار البيوت وتؤصد أبواب المنازل ومتى يغادرها ساكنيها للأبد ،لكني أعلم جيداً أن الأرواح لاتنزح تساوم على فكرة البقاء طويلاً ، تبقى كـالأشجار سامقة فيها،تُعطي ماتعطيه من حيوات وظلال ،أراهن على الروح العابقة التي ترفض أن تأفل مع الآفلين ،لأنها تَعمر المكان فهي تكنس الدار أول النهار وتطمئن عليه آخر الليل في هوادة عجيبة وكأنها عامرة ماخلت ،تنفض الغبار عن النوافذ تشرعها في وجه الريح حتى لاتتعفن ، تشرعها في وجه الحنين حتى لاتذبل ،تريدها أن تتجدد على الدوام ، تريدها أن تشعر بها لتبقى حيه .
لذا أود أن أقول لـ امرؤ القيس :

لتبكِ؛وليبكي معك الكثير فالديار من ساكنيها تُحب وتُزار، أما أنا فقد خبأت في جيوب الجفن دمعة كتلك الكبيرة الثائرة لحين موعد نزولها القوي والسلام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى