مساحة حرة

ننجح لأننا نفشل

كتبة:  انس بن حسن الزهراني

المبدِعُ إنسانٌ يحوِّلُ كلمات المثبِّطين إلى وقودٍ يزيده اشتعالاً وتوهُّجًا في مواصلةِ ما يراه هدفًا يستحقُّ التَّضحية، فإن كنتَ ممَّن يتأثَّرُ بالكلامِ، فلا تستمعْ لهُم، ولا تُعِرْهم من وقتِك لحظةً، وإن كنتَ ممَّن لا تتزعزعُ ثقتُه في نفسِه مهما كثُر المُرجِفون والحسَّادُ، فاجعَلْ تلك الكلماتِ حُدَاءً وألحانًا تتغنَّى بها في عملِك؛ ليقطعَ عليك صعوبتَه.
 
النَّقد يعني أنَّ لديك ما تُحسَدُ عليه ، النقد تصفيقٌ لك بالأكفِّ، وتصفيرٌ بحماسٍ لتواصلَ سَيْرَك.
 
وأذكِّرُك بذلك الفتى “توماس أديسون” الذي أنار شوارعَ الدُّنيا وبيوتَ النَّاسِ بالكهرباء؛ بصمودِه وتحويلِه مهاتراتِ المنهزمين إلى صيحاتِ تشجيعٍ عنيفٍ؛ فلقد أرسل رسالة إلى مكتبِ براءاتِ الاختراع في واشنطن يخبِرُهم فيه أنَّه يعمل على اختراعِ مِصباحٍ يعمل بالكهرباء، نصحه المكتبُ بعدم الاستمرارِ في مشروعٍ كهذا، وكتبوا له خطابًا جاء فيه: “إنها بصراحة فكرةٌ حمقاءُ؛ حيث يكتفي النَّاسُ عادةً بضوء الشَّمسِ”، فردَّ بخطابٍ قال فيه: “ستقفون يومًا لتسديد فواتيرِ الكهرباء”.
 
وما زالوا يضرِبون همَّتَه بسياطِ السُّخرية، ويحاولون كسرَ عبقريَّتِه بعقولهم البليدةِ، فلم يزِدْهُ ذلك إلا ثقةً في نفسِه وعقلِه، وتصميمًا على تحقيقِ أهدافه.
 
فحين كان صغيرًا في المدرسة الابتدائيةِ وبعد بَدْءِ الدراسة بأسابيعَ، أرسلت معلِّمةٌ معه رسالةً إلى أمِّه تقترحُ فيها أنْ تُجلسَه في المنزلِ، فهو أفضلُ؛ لأنَّه غبيٌّ.
 
ولَمَّا ذهب الطِّفلُ إلى المنزل وأعطى أمَّه الخِطابَ وقرأَتْه، قالت: ابني ليس غبيًّا، بل هم الأغبياءُ.
 
فأنتجت للبشريَّةِ رجُلاً كان السببَ في اكتشافِ تلك الأنوار، التي ما زلنا نستفيدُ منها مع أُسَرِنا، وفي كتاباتِنا، ودعوتنا، وكثير من أمورِ حياتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى