مساحة حرة

عيد الأم … بين حضارة الغرب وحماية الشرع

بقلم : ‏د.عبدالله معيوف الجعيد

يحتفل العالم أجمع في الحادي والعشرين من مارس في كل عام بيوم للأم، وهو أمرٌ يرفضه الدين الإسلامي جملةً وتفصيلًا خاصة أنه لم يوجد دين علي وجه الأرض اعتنى بالأم والمرأة مثلما قدم لها الإسلام وجعلها في مكانة عالية لم تصل إليها في ظل الملوك الذين حكموا الأرض.
‏فالإسلام جاء إلى الأرض وليس للمرأة وزن أو قيمة، وخير دليل كلام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال: «كنا لا نعد النساء شيئا» فجعل الإسلام لها قيمة ووزنًا. ورد لها اعتبارها. وجعل لها حقوقًا دينيةً ودنيويةً.
‏فالاحتفال المزعوم سنويًا بـ (يوم الأم) معناه أننا نتذكر أمهاتنا في هذا اليوم وننساهم طيلة العام، وهو أمر لا يُقِرُّه الإسلام الحنيف الذي وصى بالأمهات وجعل الجنة تحت أقدامهن.
‏فالاعتناء بالأم من أبرز سمات الدين الإسلامي الذي أوصى الأبناء والبنات بُحسن معاملتهم للوالدين عامة والأم خاصة، حيث طالَب الاعتناء بها وتكريمها أيَّما تكريم طوال العام. و بِرَّها وصلتها وحُسن صحبتها، فقال تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾. [لقمان: 14].
‏كما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: جاء رجل إلى رسول الله ﷺ فقال: يا رسول الله! من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قَالَ: «أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ» قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ». صحيح البخاري (5971).
‏وفي مسند الإمام أحمد عن معاوية بن جاهمة السلمي أنه استأذن الرسول ﷺ في الجهاد معه، فأمره أن يرجع ويبر أمه، ولما كرر عليه، قال ﷺ: «الْزَمْ رِجْلَيْهَا فَثَمَّ الْجَنَّةُ» مسند أحمد (15538). وهو ما يُشير بجلاء إلى عظمة مكانتها وكيف أن الإسلام طالَب الأبناء بالتزامهم أمهاتهم حتى ينالوا الجنة ورضا والديهم.
‏ومما لا شك فيه، إنه لا يوجد دين يسامي ويضاهي ديننا الحنيف في بر الأم ، ورغم ذلك ترى العجب العجاب من أبناءنا وبناتنا المسلمين الذين تركوا وصايا دينهم في بر الوالدين واتجهوا للعادات الغربية العقيمة المادية التي تعتمد في مشاعرهم علي العقل ولا مكان للدين أو القلب فجعلوا الاحتفال يومًا وباقي العام لأعمالهم ونجاحاتهم ولا مكان لعاطفة البر بالأم في قلوبهم.
‏فقد أوجب الله على الأبناء الاحتفاء بالوالدين في كلِّ لحظةٍ مِن حياتهما، وبعد مماتهما، فَلَسْنا بحاجة لتخصيص يوم لذلك، وأين بقية أيام السَّنَة؟!
‏فالمسلم الحق، هو من يبذل الغالي والنفيس من أجل إرضاء أمه طوال العام ، يحتفل معها بأفراحها ويزيل عنها همومها ويسعى في خدمتها وفي سبيل إسعادها من سلام وسؤال، وزيارة وهدية، وحفاوة وطلاقة وجه، وكلام رفيق ومؤانسة، وقضاء حاجاتها، والإنفاق عليها بالمعروف ومصاحبتها، والدعاء لها في حياتها وبعد مماتها، والإحسان إليها بتقديم الصدقات وبر أحبابها، والتواصل مع من كانت تحبهم وتودهم في حياتها، وهو أمر طوال العام ولا يصح أن يكون له يومًا معينًا، فتحجيم المناسبات يؤدي بالطبع إلى قطيعة وجفاء مما يُشكل نمطًا اجتماعيًا مريضًا بعيدًا كل البعد عن القيم الإسلامية التي تعتمد علي الروح والقلب لا العقل والمادية التي برزت في المجتمعات الغربية فأضحت سلوكًا بغيضًا أثر علي العلاقات الإنسانية والاجتماعية بينهم فظهرت حالات التفسخ الاجتماعي وانحدار القيم، ولم يجني الغرب حاليًا إلا ضياعًا وتدميرًا والأكثر من ذلك أن بعض كُتَّابهم يطالبون شعوبهم بالتمسك بقيم الإسلام الاجتماعية لعودة روح الاسرة المتماسكة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى