كتاب واصل

تداعيات الخلافات الامريكية الباكستانية على افغانستان ؟!

بقلم / فوزي محمد الاحمدي

قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتعليق المساعدات الامنية التي تقدمها الى باكستان والتي تصل الى ملياري دولار سنويا مبررة ذلك باتهامها لباكستان بالازدواجية والتساهل ازاء الجماعات المتمردة على غرار حركة طالبان افغانستان وحلفائها في شبكة حقاني ؟! كان الرد الباكستاني شديد اللهجة حيث اتهمت امريكا بأنها (حليف خائن) ! بل أن وزير الخارجية الباكستاني صرح قائلا : على امريكا ان تعترف بفشلها في أفغانستان وهذا (بيت القصيد) ! وقد سبق وأن قال الرئيس الباكستاني السابق ضياء الحق : ان الذي يعمل مع أمريكا كمن يعمل مع الفحم لن يناله منها الا سواد الوجه واليدين ! في بيان لوزارة الدفاع الأمريكية قالت فيه أنه قتل لها (2263) وجرح (20289) من جنودها في أفغانستان منذ عام 2001 الى بداية عام 2018 !! طبعا هذه تمثل الاحصائيات الرسمية ناهيك عن تكلفة الجندي الواحد والتي قد تصل الى مليون دولار سنويا وبلغت تكلفة الحرب ما يعادل تريليون دولار(جرح نازف) وحرب منسية . أمريكا تخسر أطول حرب في تاريخها وحلفائها ينفضون من حولها , والرئيس الأفغاني يقول : أن الجيش الأفغاني لن يصمد أمام طالبان أكثر من ستة أشهر في حال انسحاب القوات الأمريكية !! الحكومة الباكستانية قامت بمساعدة امريكا وفتحت قواعدها واراضيها لها بل وحاربت طالبان باكستان في منطقة وزيرستان وطائرات الدرونز الأمريكية حصدت أرواح الالاف من ابناء الشعب الباكستاني بحجة مطاردة زعماء طالبان والقاعدة ! صانع القرار في باكستان يعلم جيدا بأن أمريكا تمارس نوع من الابتزاز (المساعدات) من أجل أن تقوم الباكستان بالضغط على حركة طالبان من أجل التفاوض والخروج من الحرب على الأقل (بنصف هزيمة) تتمثل في عودة حركة طالبان الى الحكم , و (نصف انتصار) بمشاركة الحكومة التي نصبتها في الحكم بعد احتلالها لأفغانستان ولو كان ذلك رمزيا ! ولكن التيس الجبلي يرفض ذلك ويصر على هزيمة أمريكا على الطريقة الفيتنامية ! باكستان لن تسمح بهزيمة طالبان افغانستان اطلاقا لأن هذا يعني ان تهيمن الهند على افغانستان والتي تميل حكومتها الى جانب الهند على الرغم من انها تدعي الحياد ! حتى الحياد غير مقبول من باكستان لأن أفغانستان تشكل عمق استراتيجي لها في مواجهة عدوها التاريخي الهند . ناهيك عن أن الهند تتربص في باكستان وفي حال انتصار امريكا في افغانستان فانها سوف تعطي الضوء الأخضر للهند لمهاجمتها وتجزئتها على طريقة بنغلاديش في حرب 1970م . الباكستان بدأت بتوثيق علاقتها مع حليفها التقليدي الصين ولعل تأجير جزء من ميناء (جوادر) الباكستاني والذي يقع على بحر العرب الى الصين يمثل قمة التعاون (التحالف) , والذي سوف يمنح الصين ووسط آسيا إمكانية الوصول الى منطقة الخليج والشرق الأوسط ويهدد بزوال موانيء دبي خلال العشر سنوات القادمة . ايضا قامت باكستان بمنح الصين قاعدة عسكرية على أراضيها والبنتاغون يدرس الرد على أي اعتداء (خلط الأوراق) ؟! التحرشات الهندية بالباكستان قبل ايام على الحدود والتي أدت الى مقتل اربعة جنود باكستانيين وجرح آخرين قد يكون لها علاقة بالموضوع (العصا) , واصرار أمريكا على وجود مكتب لطالبان في قطر . والتطور الذي حصل قبل أيام في الموقف الأمريكي على لسان مندوبة أمريكا في الأمم المتحدة عندما قالت : نحن أقرب ما نكون الى محادثات مع طالبان والى تحقيق السلام مع افغانستان (الجزرة) يعني لم تعد طالبان حركة ارهابية ؟!! اعتقد ان المفاوضات سوف تكون شاقة جدا وباكستان لن تقبل بوجود الحكومة الأفغانية الموالية لأمريكا والهند . في النهاية قد تكون هناك تسوية قد تسمح بعودة طالبان الى الحكم مع مراعاة المصالح الأمريكية في أفغانستان والسماح للشركات الأمريكية بالاستثمار في الموارد الأفغانية خاصة معدن الليثيوم ( معدن المستقبل ) والذي تملك افغانستان أكبر احتياطي منه في العالم , وايضا التسوية سوف تحد من اندفاع باكستان نحو الصين وسوف تساعد في ابعاد روسيا اللاعب الجديد والذي يريد ان يساوم على ورقة أوكرانيا وتبقى الهند في النهاية هي الخاسر الأكبر .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى