كتاب واصل

ملكنا سلمان يحارب الفساد بحزم وعزم

بقلم أ/عبد الفتاح بن أحمد الريس

يُجمع القانونيون والاقتصاديون ، والمفكرون الإسلاميون أيضاً على أن الفساد الإداري أو المالي أو بهما معاً داءٌ عُـضال وقاتل إذا ما استشرى في أي مجتمع ، فيما تشير المصادر التاريخية إلى أن هذا النوع من السلوك لم يكن وليد العصر وإنما منذ عهود قديمة، ولكن في نطاق ضيق مقارنة بواقعنا الحاضر كناتج حتمي لما يتوافر فيه من فرص سانحة ، وسبل متعددة لممارسته في ظل غياب الرقابة الذاتية الذي تخشى الله وتتقيه ، فضلا عن الرقابة الرسمية المخلصة من لدن جهات الاختصاص ، والفساد في اللغة هو نقيض الصلاح، ومنه قولنا الأمور فسدت أي : اضطربت وأدركها الخلل ، والرجل أفسد الشيء أي : جعله فاسداً، وقيل أيضاً جاوز الصواب والحكمة . أما في الاصطلاح فيعرفه ( سيسل راجانا ) في ورقته التي قدمها للندوة الإقليمية التي عقدتها دائرة التعاون الفني ومركز التنمية الاجتماعية والشؤون الإنسانية للأمم المتحدة عام 1989م : بأنه انحراف في السلوك عن متطلبات الواجبات الرسمية المقررة في القانون أو انتهاكه ، فيما يعرفه د.عبدالرحمن هيجان في ورقته التي قدمها للمؤتمر العربي الدولي الذي انعقد بمدينة الرياض عام 1424هـ بأنه ظاهرة عالمية تتضمن استغلال الوظيفة العامة لتحقيق منافع شخصية أو جماعية بشكل مناف للشرع والأنظمة الرسمية، سواءً أكان هذا الاستغلال بدافع شخصي من الموظف نفسه أم نتيجة للضغوط التي يُمارسها عليه الآخرون أو المؤسسات من داخل أو خارج الجهاز الحكومي الذي يعمل فيه ، وسواءً أكان هذا السلوك تم بشكل فردي أو جماعي ، وللفساد صور متعددة منها الرشوة والسرقة والخيانة والاختلاس والاحتيال والمحسوبية واستغلال السلطة أو النفوذ، كأن يُحـدد الموظف أو المسؤول لنفسه بضعة أيام كانتداب لإنجاز مهمة رسمية ولم يقم بها، أو يعمد لتوظيف أحد أقاربه أو معارفه ، وهو ليس أهلاً لها من حيث الكفاءة والمقدرة ، أو يقوم بتجـيير أراضي للدولة لصالحه أو لصالح أبنائه أو أقاربه من خلال مُسوغات خاصة بذلك ، أو يقوم مسئول بترسية مشاريع على مؤسسات أو شركات بعينها مقابل نسبة معينة يتحصل عليها منها نظير إعطائهم هذه المناقصة ، أو استخدام فواتير غير حقيقية أو اعتماد شهادات مزور لأجل النيل من المال المخصص لمشروع بذاته حتى لو لم يكتمل بعد أو به خلل وهكذا ، والسؤال الذي لا مناص منه في هذا الاطار هو : من منا يرضى لأن يكون من زمرة من قال عنهم رب العزة والجلال ( إن الله لا يحب كل خوان أثيم ) وقوله أيضاً ( إن الله لا يحب المفسدين ) وفي نفس الوقت هل أحدنا يستسيغ لنفسه أكل طعام فاسد ، ومن مصدر حرام أو يطعمه أهله ، وأبناءه لـيُـلحق بهم الضرر . الإجابة بالتأكيد لا ، وكذا الحال بالنسبة للأموال حينما تأتي من مصادر حرام فإنها ما أشبهها بذلكم الطعام الفاسد حينما يتحصل عليه الإنسان بطرق غير مشروعة ليبني عليه لحمه وشحمه، كما في الحديث : ما نبت لحم أو شحم على السحت إلا والنار أولى به ، فلندرك جميعاً مخاطر هذا الداء ونتعاون أيضاً على نبذه ومكافحته بكل الطرق والوسائل امتثالاً لقوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( من رأى منكم منكراً فليغيره . . ) ولنتدبر أيضاً قول الله تعالى ( والذين لأماناتهم وعهدهم راعون ) وقوله تعالى ( فانظر كيف كان عاقبة المفسدين ) وقوله أيضاً ( ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين ) لنحقق بذلك التكافل الاجتماعي الذي حثنا عليه ديننا الإسلامي الحنيف لما فيه من فوائد جمة وعظيمة لمجتمعنا ووطننا الذي يزداد شرفاً باحتضانه الحرمين الشريفين ، وقبلة المسلمين ، ومحبط الوحي ومنبع الرسالة المحمدية للناس كافة . بقي أن نقول في الختام بأن الفساد الذي نتحدث عنه في طريقه للزوال ، ولا عجب فنحن نعيش عهداً جديداً ، ومرحلة استثنائية غير مسبوقة يقودها بكل حزم وعزم ، وإرادة قوية وحنكة سياسية فذة ملكنا سلمان القائد العظيم الذي لا تأخذه في الله لومة لائم من أجل الحفاظ على أمن واستقرار ومقدرات هذا الوطن العزيز، والمُضي به ، وبشعبه الأبي الذين أحبهم فأحبوه إلى أرقى مستويات المجد والتطور الحضاري في كافة مجالات الحياة يساعده في ذلك ولي عهد الأمين محمد بن سلمان ، والذي جعل نصب عينيه وهمه الأكبر القضاء على الفساد واجتثاثه من جذوره ، والذي ما لبث أن قال بُعيد صدور الأمر الملكي الخاص بذلك ( بأنه لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد أياً من كان . . تتوفر عليه الأدلة الكافية ) حفظ الله خادم الحرمين الشريفين ، وولي عهده الأمين ، وأمدهما الله بعونه وتوفيقه ، وحفظ الله لنا هذا الوطن المبارك من كل سوء ومكروه ، والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى