مساحة حرة

عدوى الإهمال الوظيفي ..!

      عبدالله سرور القرشي

أغلبنا يريد الحصول على مزايا وظيفية تجعلنا ننسحب من تأدية بعض الأعمال المنوطة بنا؛ بل ننقب في اللوائح والأنظمة لنبحث عن ثغرة تبرر تقاعسنا عن العمل أو استغلال رخصة   التسيب يتيحها النظام؛ هل بسبب طلب الراحة ؟! وماذا بعد مزاولة أقساط الراحة ؟! هل سنحقق إنجازاً بذلك ؟! أم نريد بذلك التباهي أمام أصدقائنا بأننا نستطيع الفكاك من عقال المهام الوظيفية؟! فجل المكاسب التي قد تتحقق تكون شخصية لا ترقى لسلم الحاجات العليا للمطالب الإنسانية ..!
نتذمر من أخطاء قد تصدر من المؤسسة التي نعمل بها، أو التي قد تصدر من الرئيس المباشر؛ إذن لنكن جزءاً من الحل لا محركين لتفاقم المشكلة ..! وذلك باعتبار هذه الأخطاء مشكلة عارضة ستزول بمجرد استخدام الأسلوب الأمثل لمعالجتها ..! وأولى خطوات حلها عرضها على المسؤول عنها ..!
أنظر إلى بعض الزملاء المجتهدين والمنضبطين في مهنتهم فأقول في نفسي، علام يشقون أنفسهم؟! هم يشعرون بالسعادة رغم أن ما يقومون به هو شقاء في نظر من أصيب بعدوى الإهمال ..!
عدوى الإهمال فيروس اجتماعي خبيث يصيب موظفي القطاعات العامة والخاصة على السواء، يجعلهم متباطئين عن أداء أدوارهم، عازفين عن المشاركة في العمل، إنه الوباء الذي يلوث بسلوك الموظفين ويجعلهم العبء الثقيل على مجتمعهم ..
صدقوني بأن العامل الذي يتعشق عمله يصنع المعجزات، وبقدر ما يعطي حتماً سوف يأخذ، وهذه المحصلة قد لا تكون في الأغلب مادية بقدر ما هي إصلاحية قدرية شاملة للحياة، فالمنضبط في عمله ينضبط قدره تبعاً لذلك، فكما أن البوصلة تضبط الاتجاهات فإن الانضباط الوظيفي يضبط الحياة، {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ وَسَتُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون} التوبة: 105. إذن ما الذي سيراه الله في عملنا إذا عملنا وماذا سيرى المؤمنون من ذلك ..! أعتقد والله أعلم بأن رؤية الله تتمثل غيبياً في الإصلاح القدري بتوفيق الله عز وجل لحياة الإنسان المتقيِّد بعمله، أما رؤية الأشهاد فهي النتائج المتوقعة من تحمل المسؤولية ومواظبة العمل وإتقانه إلى تحقيق التنمية المستدامة على الصعيد الشخصي والاجتماعي ..
جرِّب بأن تنضبط وتبادر وتحل مشكلات الآخرين وتبعث في أخبيتهم التفاؤل والأمل والسعادة، سترى نفسك وقد بلغت رضاك في عالم الصفو وتحقيق الذات..
فالإهمال يحقق ذاته بك وبغيرك .. فليست ميزة لك كونك انسللت من مسؤولية أوكلت بها، بل الميزة أن تقبل عليها وتنجزها؛ حينها ستتنفس الصعداء، وتشعر بنشوة الإنجاز، وستلحظ إلهام القدر في حياتك، ولا يسعك حينها إلا أن تقول: “الحمد لله” ..

بقلم :
عبدالله سرور القرشي
باحث في الإدارة والتخطيط

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى