كتاب واصل

رسوم على القلب !!

لست اقتصاديا ولا خبيرا بالسوق ولا أدعي المعرفة بخبايا القرارات التي تتبناها الدولة والتي تقوم طبعا على تغليب المصلحة العامة ومعالجة بعض أوجه القصور في اقتصادنا..

  أ/ ” إبراهيم الحارثي “

ولعل موضوع الرسوم المالية المطبق على المقيمين أحد هذه القرارات الهادفة إلى معالجة بعض الظواهر السلبية..

ومع كل التفهم والتقدير للمبررات الاقتصادية المذكورة إلا أنها في ظني تحتاج إلى إعادة نظر ومراجعة سريعة في أصل الفكرة وآليات التطبيق..

عودتنا الدولة وفقها الله أن تراجع بعض قراراتها وأن تعدل عنها حين يستبين لها رأي آخر ومصلحة أكبر وليس في ذلك عيب ولا منقصة بل هي الثقة بالنفس والرأي والمشورة وتغليب المصلحة العامة..

ولذا أعتقد ومن خلال قراءتي لعدد من التحليلات والمقالات الاقتصادية لكتاب سعوديين متميزين لديهم الخلفية العلمية والمعرفة المهنية التخصصية التي تمكنهم من إبداء رأيهم العلمي والمنطقي في مثل هذه القرارات الكبيرة والمؤثرة وللعلم فإن بعض هؤلاء الكتاب رجال دولة ومسئولين سابقين..

أقول من خلال كل ذلك يبدو لي أن موضوع الرسوم بصورته وآلياته الحالية له آثار مختلفة من الناحية الإقتصادية والاجتماعية والأمنية والإنسانية ..

وأعتقد أنه يمكن معالجة هذا الموضوع عبر عدد من الحلول والخيارات والصور التي تراعي مصلحة الاقتصاد الوطني ومصالح المواطنين كأفراد وشركات ومصالح المقيمين أيضا وتقلل من الآثار المترتبة على القرار الذي أصبح قضية القضايا..

ومن تلك الحلول مثلا:

– أن يتم تطبيق الرسوم على المتعاقدين الجدد بحيث يأتي المتعاقد الجديد إلى المملكة وهو يعلم ماله وما عليه ويحسب ظروفه جيدا قبل أن يتخذ قراره بالقدوم..

– أن يتم تصنيف المقيمين حسب الدخل فلا تفرض رسوم على أصحاب الدخل المتدني والظروف الصعبة..

– أن يتم فرض الرسوم على أصحاب الدخل المرتفع وتكون الرسوم نفسها متفاوتة حسب الدخل..

– أن يتم التفرقة بين المواليد وغيرهم وهذا الموضوع بالذات تحدثت عنه كثيرا وتحدث معي فيه كثيرون أيضا..

وقطعا إن من اتخذ من هذه البلد موطنا يدين له بالولاء ودارا يعيش فيها وينتمي إليها بكل مشاعره ويتبنى كل ثقافتها وعاداتها وتقاليدها غير من يأتي للعمل سنتين أو ثلاث أو خمسة سنوات ثم يغادر إلى بلده..

المواليد وأهلهم ليس لهم موطن إلا هذه البلد ولذلك لا تجد لهم تحويلات إلى بلدانهم ولا استثمارات خارجبة فيها ولو قاموا بتحويل مبالغ لبعض أقاربهم البسطاء فهي مبالغ زهيدة ومحدودة وليست مؤثرة مثل بعض أباطرة المال من غير السعوديين الذين ثبت فعلا أنهم يستغلون بلادنا ويقومون بتحويل الملايين إلى بنوك بلادهم وغيرها ومع ذلك يتم في النهاية تطبيق نفس الرسوم على الجميع دون النظر إلى الدخل أو مكان الولادة أو عدد سنوات الإقامة..

– يجب التفريق أيضا بين المقيمين الذين لديهم ظروف معيشية أفضل في بلدانهم وبين المقيمين الذين لديهم ظروفهم الخاصة والصعبة مثل الفلسطينيين واليمنيين والسوريين والبورماويين وبعض الجنسيات الأفريقية التي لا تعترف بهم دولهم..

كلي أمل في أن حكومة بلادي وفقها الله ستراجع هذا القرار وتنظر فيه نظرة البلد العظيم الكبير الذي فتح قلبه وذراعيه لأبناء العروبة والإسلام فشاركونا البناء والنماء والانجاز ..

إن بلادا تضم الحرمين الشريفين ولها أياديها البيضاء في كثير من قضايا المسلمين شرقا وغربا قادرة بإذن الله على أن تحتوي المقيمين فيها وأن تضع من الأنظمة ما يحقق المصلحة العامة ويحفظ لكل ذي حق حقه سواء كانوا من المواطنين أو المقيمين..

وأخيرا هذه رسالة إلى بعض أبناء وطني الغالين..

من حق كل واحد أن يكون له رأي في هذا القرار ومن حقه أن يدافع عنه وأن يتبناه لكن ليس من حقه أن يطلق لسانه على إخوة لنا في العروبة والإسلام والإنسانية اضطرتهم ظروف الحياة أن يضعوا رحالهم في ديارنا وينزلوا بجوارنا وقالوا لأنفسهم ونعم الجوار جوار إخوتنا وبني عمومتنا السعوديين..

لا أشك في صدق نوايا وأصالة أخلاق الذين يتبنون القرار ويدافعون عنه ولكن يبدو أن الشيطان استزلهم دون أن يشعروا فقالوا في لحظات غفلة مالا يرضاه ربهم ولا دينهم ولا ورسولهم صلى الله عليه وسلم..بل إن بعض ماقيل في حق المقيمين لو عرض على رسول الله صلى الله عليه وسلم لتبرأ منه..

أخي الغالي..

إننا ننعم اليوم بالأمن والأمان والرخاء الوفير في بلادنا وذلك فضل الله وعطاؤه وكرمه أولا وآخرا ثم فضل رجال بذلوا وضحوا لننعم بكل هذه الرفاهية..لذا لا يصح بعدها أن نتعالى على أحد ونقول كلاما نسيء به للمقيمين عندنا ونستعدي به علينا العالم أو أن نقول عنهم ولهم ما ينفي عنا كرم الأخلاق وصدق المروءة وشرف الإخاء وأصالة الجوار..

هناك حكايات ومآسي لا ينبغي أن نغفلها ولا أن ندوس عليها ولا أن نشيح بوجوهنا عنها..

الدهر يا أحبابي ويا أبناء بلدي له صولات وجولات والأيام قُلّب والليالى حبالى يلدن كل عظيم..

يا أحبابي يقول عليه الصلاة والسلام : ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء )

نسأل الله أن يحفظ بلادنا بحفظه ويديم علينا نعمه وأمنه وأمانه ويقينا شر الفتن وخطوب الدهر وفواجعه ويعيد لبلاد المسلمين أمنها وأمانها ورخاءها.. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى