ضيوف واصل

العُمري لـ ( واصل ) هناك عبثية عظمى في الشعر بكل أنواعه وليس العرضة فقط

IMG_2319

الرياض – واصل – محمد مسعود العُمري :

في ظل زخم الشعراء، لم تعد ساحة العرضة الجنوبية ترضي الذائقة الشعرية لدى المتلقي، وذلك لافتقاد شعر الجناس (الشقر) تأثيره على المتلقي في كثيرٍ من المناسبات، حيثُ أفقده؛ بعضٍ من شعراء العرضة فنياته التي تظهر في التفنن بالجناس بسبب حب المادة، فأصبح مكرراً ومستنسخاً من بعضه البعض، ولهذا لم يعُدَ تجد في معظمهِ عند سماعك شيئاً جديداً ومبتكراً.

في لقائنا هذا سنسلط الضوء في لمحة مبسطة على شعر العرضة الجنوبية الجناس (الشقر) ،  مع الشاعر معيض بن أحمد العُمري، الذي كتب الشعر منذ الصغر، حيثُ كتب القصيدة الفصحى، والتفعيلة، والمسيرة، والنبطي، ونظم الشعر الشعبي، وخاض الغمار في ساحة العرضة لفترة محدودة، ومن ثم تقلص حضوره بحكم بعده عن المنطقة الجنوبية، ومازال حاضراً ومواصلاً مشواره الشعري عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الحفلات الخاصة ، والجلسات الأخوية.

– هل ترى بأن وسائل التواصل الاجتماعي عامة هي من أكبر أسباب ظهور وجوه شعرية لا تستحق الظهور؟

عكس ذلك فإن وسائل التواصل هي من أظهرت أسماء شعرية تستحق الظهور بعد أن كانت المجلات الشعرية والصفحات الشعرية تدير ظهورها للشعراء المنطلقين .

– المتلقي للقصيدة وبالأخص متابعي شعر العرضة الجنوبية الجناس(الشقر) في الغالب الكثير منهم عندما تتشنف مسامعه في ساحة العرضة تلامس عواطفه، لكن من وجهة نظر الناقد القارئ للقصيدة الذي يمتلك أدوات النقد تختلف المعاني -هل توافقني الراي حول هذه الإشكالية؟

الشعر الارتجالي (مثل شعر العرضة والقلطة )  ليس من العدل أن تُسَلَّط عليه أدوات النقد الأدبي بحذافيرها ، فإن هناك أعذار تُلتمس لشعراء هذين اللونين مثل :  الوقت ، ومواجهة الجمهور، والصراعات النفسية للشاعر جرّاء الضغط من قبل الجمهور وزملائه الشعراء في الميدان ، فلذلك يوجد الكثير من الهفوات في الشعر الارتجالي يجب غض الطرف عنها للأسباب التي ذكرتها آنفا ولأن الشاعر بطبيعة الحال ليس ملكًا منزّل من السماء فإنه يرتفع ويصيب ويخطئ ويسقط مهما كان حجمه .
– هل تؤيد نقد شعر الجناس (الشقر) لكي تتضح الصورة الشعرية لمعانيه المكنية في كثيراً من القصائد؟

 بحدود معينة ويجب أخذ الأسباب التي ذكرتها في السؤال السابق بعين الاعتبار.

– في معظم حفلات العرضة الجنوبية نجد أن بعض الشعراء تحتدم بينهم المحاورة لأنهم يفهمون بعضهم البعض بعكس المتلقي لشعر العرضة-ما قولك حول هذا؟

أن تكون شاعرا يجب أن يساء فهمك من قبل الشعراء ومن قبل الجمهور، أي أن الشعر الحقيقي هو معنى المعنى وليس المعنى الظاهر الذي يفهمه المتلقي مثل:

                   ياسلامي يارجالٍ كما الجبال ..

المعنى الواضح هنا هو المدح وتشبيه الرجال بقوة الجبال وارتفاعها، لكن لو بحثنا وتعمقنا في معنى المعنى لوجدنا هناك معنى نقيض للمدح وهو الذم، أي أنكم جمادات ولا لوم على الجماد .. طبعا هذا مثال وليس كل شاعر يقصد المعنى الذي ذكرته.

–  المتطفلون على شعر العرضة الجنوبية وخصوصاً الجناس (الشقر) ازدحمت بهم ساحة العرضة وأصبحت في الحضيض من تلقائهم ما قولك في هذا؟

هناك عبثية عظمى في الشعر بكل أنواعه وليس العرضة فقط، والسبب البحث عن المال من قبل الشعراء وقلة الوعي الشعري من قبل المتلقي، عموما كل هؤلاء المتطفلين حتى وإن وصلوا للجمهور سيمحيهم التاريخ يوما ما.

–  هل يجد الشاعر معيض نفسه في نقد القصيدة الشعرية بكل أشكالها؟

 لستُ ذو شهادة في النقد لذلك لا أعتبر ناقد، لديّ نقد انطباعي لكوني شاعرا أعي جيدا ما هو الشعر.
–  هل تتوقع في السنين المقبلة أن يصبح الشاعر إعلاميا ويسوق لنفسه وأخص بالذكر ممن يدعون أنهم شعراء؟
–  لا مانع من ذلك ولكن بشرط أن يكون ذلك الشخص شاعرا… إنصاف الذات من متطلبات الثقة بالنفس، فمن كان شاعرا وواثقا من أدواته فليظهرها للناس، أما (أنصاف) الشعراء فلا (إنصاف) لهم مهما حاولوا.

– هل ترى بإن الإعلام الثقافي يعطي كل ذي حقٍ حقه من الظهور أم أنه لفئات معينة؟

 إن كنت تقصد بالإعلام الثقافي القنوات وصفحات الشعر فإني أقول بأن زمن سلطة الإعلام المرئي والمقروء قد انتهى، فالشاعر الحقيقي الآن يستطيع أن يُظهِر للعالم أجمع كل طاقاته من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وهو بكامل الأناقة الشعرية وعزة النفس، حينها سيقوم الإعلام مرغما بالبحث عنه.
– ما رأيك بحضور الشعراء في المسابقات الشعرية وخصوصاً شعراء العرضة الجنوبية وأين أنت من هذه المسابقات؟
مفيد ومطلوب، وإن كانت المسابقة ذو شأن عالي، وتحظى باهتمام كبير ووهج يظهرها بالمظهر اللائق.

– الشاعر معيض متمكن في أنماط شعرية وبارع فيها، كتب في بداياته النظم، ونظم الشعر الشعبي، وكتب بالفصحى، وارتجل العرضة، وكتب التفعيلية (الشقر الحديث)، وكتب المقالات الاجتماعية والساخرة هل لازال يكتبها؟ ولماذا ابتعدت عن الصحافة؟

لم يعد لدي همة وعزيمة لمثل ذلك يا أبا أحمد، وحتى لو ابتعدت همي ألا يبتعد التاريخ عن ما كتبت وأن يخلّده درساً ربما يفيد الأجيال القادمة.

– في ظل زخَم الشيلات هل هذا يوحي بان قبول الشعر لدى المتلقي لهُ الأفضلية من خلال الاستماع دون القراءة؟
الأفضلية في الصوت واللحن وجماله، فقد تجد قصيدة ركيكة ذات لحن أخّاذ قد ملأت الأفق، وقد تجد قصيدة عظيمة خانها اللحن … عموما من وجهة نظري أن القصائد الحقيقية والتي تحتوي على روح الشعر لا يمكن أن تُغنّى إطلاقا، وحتى وإن حاولوا غناءها فلن تنجح.

.. لكن هناك قصائد حقيقية تحتوي على روح الشعر غناها مطربون لا قت نجاح باهر من حيث الكلمة واللحن. ما قولك؟

.. لا ننكر أن هناك قصائد (غنائية) جميلة ونجحت… ولكن لو القصائد العظيمة اذا لحَنت وتغنَى بها المطربون لا قت نجاح باهر لسمعت الكل يغنَي للمتنبي.. القصائد الحقيقية لا تحتاج للغناء لأنها عظيمة بدون لحن وغناء وهذه وجهة نظر سيدي العزيز.

–  هل الشاعر يعيش القصيدة عندما يقوم بإلقائها المنشد؟

الشاعر يعيش في قصيدته كل الوقت ومن كل اتجاه، ربما اللحن الممتع يسرح بالخيال.

– كيف تقرأ القصيدة في ساحات العرضة السعودية وخصوصاً شعر العرضة الجنوبية الجناس(الشقر) والشعر النبطي؟، ومن يعجبك من شعراؤها؟

القصيدة في ساحات العرضة ليست على ما يرام ، فكل المعاني مكررة ، وكل الكلمات مكررة، وكل ( الشقور ) مكررة … لكن للأمانة  هناك أسماء عظيمة في شعر العرضة الجنوبية تحاول التجديد والغوص في أعماق بحر الشقر، وهي معروفة وتعدّ على الأصابع ، وأتمنى أن تجود ساحة العرضة بمثل : عبدالواحد الزهراني وعبدالله البيضاني.

– كيف ترى علاقة الشعر بالمجتمع في ظل زخم عدد الشعراء؟

 الشعر هو روح المجتمع، فلا يمكن أن يكون هناك مجتمع بلا شعر، المهم أن يكون هناك وعي للحكم على الجيّد والرديء، وأن يكون هناك شجاعة لقول: قف، للمستشعر.

– سبق وأن شاركت في مسابقة (فرسان الوطن) التي نظمتها قناة الفرسان الفضائية(الشعبية) برعاية إمارة منطقة عسير سؤالي: ما أنبطاعك عن المسابقات الشعرية الإقليمية على مستوى المملكة بشكل عام؟

شاركت ولم أكن مهيئاً لخوض ذلك الغمار، وبالتأكيد لم أنجح .. والحقيقة بصفة عامة لم يكن هناك مسابقة شعرية في المملكة ناجحة بكل المقاييس، باستثناء مسابقة (شاعر المعنى) نجحت في موسمها الأول فقط..

– هل ترى بأن تلك المسابقات أعطت وهيجاً وتحركاً شعرياً غير مسبوق، وهل ساعدت في إبراز الشعر السمين بغض النظر عن ظهور الشعر الغث الذي امتلأت به الساحة؟

نعم لقد ظهر من خلال بعض المسابقات شعراء مميزين.

– هل لديك خطط مستقبلية فيما يتعلق بشعرك؟

“المسافر الجيّد ليس له خطط محدودة ولا يعتزم الوصول”..

هذه قصيدة جديدة بعنوان ( العمْر ) لأول مرة تُنشر خص بها الشاعر معيض هذا اللقاء :

تفطّن الفِكْر من بَعْد السنين المجدبةْ واستدار

    واحييت ذكراي والرّوح الشِعِر والحظّ  ماهو كثير

(مثل الرَّحى) وانطحن حَبّ النّدم  ياصمتي المستعار

 ماشفتني يوم كنت (آشوف) كلّ اركان بيتي سرير

كنت احْسِب انّ الفضا صحن ورغيف البدْر؛قوت النهار

   والليل كومة فَحَم والشّمْس جمرةْ  والسما قاع بير

 يومي طِفِل  طِحْتْ وآنا اركض،وصاروا يضحكون الصغار

           رميت سِنّي (لعين  الشمس)  واكملت اللَّعِب  والمسير

ومرّ عُـــمْر الطفولة كنّه امس وكنّ ماشيّ صار

        واصبحت احثّ الخُطى للرزق واطويْ كل صعب وخطير

وامسيت حولي عيالي تحْت سَقْف عْيوني ورمش دار

         أشــوف هالكون عش/ونبضهم جنحان/ والارض طــير

اقْطِف لهم من ثَمَر عمري : عِنَب لِعْبةْ ولوز انتصار

                وفأس الايّام يضرب في عظامي والتّعَب مستطير

انفخ لهم روح من : ضِحْكَة وتدليل وأدب  وافتخار

             واموت مليوووون مـــرّةْ  مـــا يجيهم  حـاجةْ وزمهرير

واذا اصبح الشيب يرميني بوادي الضعف والانهيار

                ذَخرْتهم : ( سيل )  ذو حدين  بضْفافه نَبَتْ كل خير

اشرب فرات التعب واقتات من طيب الجنى والثمار

               وارفع  كفوفي  واسلّم عدّ  مانامت عيون الغرير :

 سلام ياعمْر وين احلاك راح وليش  هذا الفرار ؟

              اهداب الاحلام شابت ياعيون الصبر وين المصير ؟

لو طااال مُرّ الزمن  وتعوّدت روحي لذوق المرار

                ماصرت جاهل  ولا واهن  ولا واهم  ولاني  قصير

ولا اجهل الصخرة اللي حطّت الفتيان في سجن غار

           وياما تعلّمت من لمس الخشب والشوك : معنى الحرير

ابحرت حتى  ترمّد من  جمَر حظي  عميق البحار

              وايقنت بان الحظوظ اقوى من ابداع السطور المثير

تفطّن الفِكْر من بَعْد السنين المجدبةْ واستدار

          واحييت ذكراي والشيب ابتدا والعمْر ماهو كثير..!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى