مساحة حرة

ليكون صدرك منشرحاً

44
مشعل بن مسعد العضياني

ما من شخص إلا ويعرض له في معترك الحياة شيئاً من الضيق وما يحتويه الصدر من أمراض الوساوس والشكوك والميل للشهوات والشبهات . وهذا أمر دارج من الابتلاء وسنن الحياة . ومن أجل هذا الشيء نذر الشيطان نفسه ؛ فهو يسعى في بث الحزن والضيق والوساوس في الصدور لما يعلم ما في ذلك من إحداث الوهن والضعف لدى الإنسان .

وفي مثل هذه الحالة نجد الكثير يستسلم ويُسلم أمره لوسوسة عدوه ويكون بذلك قد سهَّل على الشيطان قصده وحقق له مراده ، وأما البعض الآخر فتجده يسعى ويبحث ، يذهب ويأتي طلباً عن العلاج ولكن أنّى له ذلك وهو لم يوفق بعد لمعرفة أصل علاجه ومنبعه فيتأخر بهذا في تحصيل دوائه .

في الحقيقة يجب على كل فرد أن يعلم أنه ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء كما جاء ذلك في الحديث ، والموفق من وفقه الله لسبيل العلاج الصحيح .

يختلف الناس في بحثهم عن العلاج إلى طرق شتى ؛ فموفق ومخذول .. ومعرفة الله وسؤاله هي السبيل لحصول ونيل التوفيق .

القرآن كنز كريم ومنَّة من الله عظيمة ومنه تُنال كل مُنية وبه يشفى من كل بليّة .. لو تأملنا هذا القرآن وحققنا الغاية والهدف من إنزاله وهي تدبره والعمل بمقتضاه لعشنا حياة السعداء وهي الحياة الطيبة التي وعدنا الله بها في كتابه .

نرجع إلى أصل المقال وهو كيفية الاستشفاء مما في الصدور من أدواء حسية كانت أو معنوية وأسأل الله في ذلك التوفيق .. أوجز وأختصر فأقول : هي آية واحدة في القرآن لو تأملناها وعملنا بمقتضاها لانزاحت كل همومنا وغمومنا وكل داء في صدورنا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ) تأمل (وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ) كل ما في الصدور من أمراض تخطر بالبال أو تعلق بالذهن فإن القرآن شفاء وعلاج لها ، كل ضيق وكدر في الصدر سيذهب بتلاوة القرآن وتدبره ، كل هم وغم سينكشف بتلاوة القرآن وتدبره ، كل وساوس وأصنام تعبد وتعظم في الصدور ستزول بتلاوة القرآن وتدبره . وإذا انقشعت ظلمة الصدور وبَرِأت وتعافت صحت الأبدان واستقامت الحياة .

إن الطريق الصحيح للوصول لانشراح الصدر وذهاب همومه وغمومه وشبهاته وشهواته هو معرفة أصل وسبب هذه الأمراض ومنبعها ومن أهم أسبابها الإعراض عن القرآن وفهمه وتدبره والعمل به (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) ثم بعد معرفة سبب الداء يسهل نيل الدواء وهو تلاوة القرآن وتدبره والعمل به (مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ) .

التوقيع : هذه النفس هي هبة من الله وأمانة في أجسادنا وخُلقت لعبادة ربها فينبغي أن توظف لهذا الغرض وما خلقت من أجله ؛ وغذاؤها وروحها وطمأنينتها في القرآن . وإذا اطمأنت النفس انشرح الصدر .

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى